أمتي عند ربها أن يؤخرهم نصف يوم " قيل لسعد وما نصف يوم؟ قال خمسمائة سنة. وقال ابن أبي حاتم حدثنا أحمد بن سنان حدثنا عبد الرحمن بن مهدي عن إسرائيل عن سماك عن عكرمة عن ابن عباس " وإن يوما عند ربك كألف سنة مما تعدون " قال من الأيام التي خلق الله فيها السماوات والأرض. ورواه ابن جرير عن ابن بشار عن ابن المهدي، وبه قال مجاهد وعكرمة ونص عليه أحمد بن حنبل في كتاب الرد على الجهمية، وقال مجاهد هذه الآية كقوله " يدبر الامر من السماء إلى الأرض ثم يعرج إليه في يوم كان مقداره ألف سنة مما تعدون " وقال ابن أبي حاتم: حدثنا أبي حدثنا عارم بن محمد بن الفضل حدثنا حماد بن زيد عن يحيى بن عتيق عن محمد بن سيرين عن رجل من أهل الكتاب أسلم قال: إن الله تعالى خلق السماوات والأرض في ستة أيام " وإن يوما عند ربك كألف سنة مما تعدون " وجعل أجل الدنيا ستة أيام وجعل الساعة في اليوم السابع " وإن يوما عند ربك كألف سنة مما تعدون " فقد مضت الستة أيام وأنتم في اليوم السابع فمثل ذلك كمثل الحامل إذا دلت شهرها ففي أية لحظة ولدت كان تماما.
قل يا أيها الناس إنما أنا لكم نذير مبين (49) فالذين آمنوا وعملوا الصالحات لهم مغفرة ورزق كريم (50) والذين سعوا فئ ايتنا معجزين أولئك أصحب الجحيم (51) يقول تعالى لنبيه صلى الله عليه وسلم حين طلب منه الكفار وقوع العذاب واستعجلوه به " قل يا أيها الناس إنما أنا لكم نذير مبين " أي إنما أرسلني الله إليكم نذيرا لكم بين يدي عذاب شديد وليس إلي من حسابكم من شئ أمركم إلى الله إن شاء عجل لكم العذاب وإن شاء أخره عنكم، وإن شاء تاب على من يتوب إليه، وإن شاء أضل من كتب عليه الشقاوة وهو الفعال لما يشاء ويريد ويختار " لا معقب لحكمه وهو سريع الحساب " و " إنما أنا لكم نذير مبين * فالذين آمنوا وعملوا الصالحات " أي آمنت قلوبهم وصدقوا إيمانهم بأعمالهم " لهم مغفرة ورزق كريم " أي مغفرة لما سلف من سيئاتهم ومجازاة حسنة على القليل من حسناتهم، قال محمد بن كعب القرظي إذا سمعت الله تعالى يقول " ورزق كريم " فهو الجنة. وقوله " والذين سعوا في آياتنا معاجزين " قال مجاهد يثبطون الناس عن متابعة النبي صلى الله عليه وسلم وكذا قال عبد الله بن الزبير مثبطين، وقال ابن عباس معاجزين مراغمين " أولئك أصحاب الجحيم " وهي النار الحارة الموجعة الشديد عذابها ونكالها أجارك الله منها، قال الله تعالى " الذين كفروا وصدوا عن سبيل الله زدناهم عذابا فوق العذاب بما كانوا يفسدون ".
وما أرسلنا من قبلك من رسول ولا نبي إلا إذا تمنى ألقى الشيطان في أمنيته فينسخ الله ما يلقي الشيطان ثم يحكم الله آياته والله عليم حكيم (52) ليجعل ما يلقي الشيطان فتنة للذين في قلوبهم مرض والقاسية قلوبهم وإن الظالمين لفي شقاق بعيد (35) وليعلم الذين أوتوا العلم أنه الحق من ربك فيؤمنوا به فتخبت له قلوبهم وإن الله لهاد الذين آمنوا إلى صراط مستقيم (54) قد ذكر كثير من المفسرين ههنا قصة الغرانيق وما كان من رجوع كثير من المهاجرة إلى أرض الحبشة ظنا منهم أن مشركي قريش قد أسلموا ولكنها من طرق كلها مرسلة ولم أرها مسندة من وجه صحيح والله أعلم، قال ابن أبي حاتم حدثنا يونس بن حبيب حدثنا أبو داود حدثنا شعبة عن أبي بشر عن سعيد بن جبير قال: قرأ رسول الله صلى الله عليه وسلم بمكة النجم فلما بلغ هذا الموضع " أفرأيتم اللات والعزى ومناة الثالثة الأخرى " قال فألقى الشيطان على لسانه: تلك الغرانيق العلى وإن شفاعتهن ترتجى، قالوا ما ذكر آلهتنا بخير قبل اليوم فسجد وسجدوا فأنزل الله عز وجل هذه الآية " ومن أرسلنا من قبلك رسول ولا نبي إلا إذا تمنى ألقى الشيطان في أمنيته فينسخ الله ما