فيوم النحر وأيام التشريق بعده وبه قال سعيد بن جبير وقيل يوم النحر ويوم بعده للجميع وقيل ويومان بعده وبه قال الإمام أحمد وقيل يوم النحر وثلاثة أيام التشريق بعده وبه قال الشافعي لحديث جبير بن مطعم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال " أيام التشريق كلها ذبح " رواه أحمد وابن حبان وقيل إن وقت الذبح يمتد إلى آخر ذي الحجة، وبه قال إبراهيم النخعي وأبو سلمة بن عبد الرحمن، وهو قول غريب وقوله " كذلك سخرناها لكم لعلكم تشكرون " يقول تعالى من أجل هذا " سخرناها لكم " أي ذللناها لكم وجعلناها منقادة لكم خاضعة إن شئتم ركبتم وإن شئتم حلبتم وإن شئتم ذبحتم كما قال تعالى " أو لم يروا أنا خلقنا لهم مما عملت أيدينا أنعاما فهم لها مالكون - إلى قوله - فلا يشكرون " وقال في هذه الآية الكريمة " كذلك سخرناها لكم لعلكم تشكرون ".
لن ينال الله لحومها ولا دماؤها ولكن يناله التقوى منكم كذلك سخرها لكم لتكبروا الله على ما هداكم وبشر المحسنين يقول تعالى إنما شرع لكم نحر هذه الهدايا الضحايا لتذكروه عند ذبحها فإنه الخالق الرازق لا يناله شئ من لحومها ولا دمائها فإنه تعالى هو الغني عما سواه وقد كانوا في جاهليتهم إذا ذبحوها لآلهتهم وضعوا عليها من لحوم قرا بينهم ونضحوا عليها من دمائها فقال تعالى " لن ينال الله لحومها ولا دماؤها " وقال ابن أبي حاتم حدثنا علي ابن الحسين حدثنا محمد بن أبي حماد حدثنا إبراهيم بن المختار عن ابن جريج قال كان أهل الجاهلية ينضحون البيت بلحوم الإبل ودمائها فقال أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم فنحن أحق أن ننضح فأنزل الله " لن ينال الله لحومها ولا دماؤها ولكن يناله التقوى منكم " أي يتقبل ذلك ويجزي عليه كما جاء في الصحيح " إن الله لا ينظر إلى صوركم ولا إلى أموالكم ولكن ينظر إلى قلوبكم وأعمالكم " وجاء في الحديث " إن الصدقة تقع في يد الرحمن قبل أن تقع في يد السائل إن الدم ليقع من الله بمكان قبل أن يقع إلى الأرض " كما تقدم في الحديث رواه ابن ماجة والترمذي وحسنه عن عائشة مرفوعا فمعناه أنه سيق لتحقيق القبول من الله لمن أخلص في عمله وليس له معنى يتبادر عند العلماء المحققين سوى هذا والله أعلم، وقال وكيع عن يحيى بن مسلم بن الضحاك سألت عامرا الشعبي عن جلود الأضاحي فقال " لن ينال الله لحومها ولا دماؤها " إن شئت فبع وإن شئت فأمسك وإن شئت فتصدق وقوله " كذلك سخرها لكم " أي من أجل ذلك سخر لكم البدن " لتكبروا الله على ما هداكم " أي لتعظموه كما هداكم لدينه وشرعه وما يحبه ويرضاه ونهاكم عن فعل ما يكرهه ويأباه وقوله " وبشر المحسنين " أي وبشر يا محمد المحسنين أي في عملهم القائمين بحدود الله المتبعين ما شرع له المصدقين الرسول فيما أبلغهم وجاءهم به من عند ربه عز وجل (مسألة) وقد ذهب أبو حنيفة ومالك والثوري إلى القول بوجوب الأضحية على من ملك نصابا وزاد أبو حنيفة اشتراط الإقامة أيضا واحتج لهم بما وراه أحمد وابن ماجة بإسناد رجاله كله ثقات عن أبي هريرة مرفوعا " من وجد سعة فلم يضح فلا يقربن مصلانا " على أن فيه غرابة واستنكره أحمد بن حنبل وقال ابن عمر: أقام رسول الله صلى الله عليه وسلم عشر سنين يضحي رواه الترمذي وقال الشافعي وأحمد لا تجب الأضحية بل هي مستحبة لما جاء في الحديث " ليس في المال حق سوى الزكاة " وقد تقدم أنه عليه الصلاة والسلام ضحى عن أمته فأسقط ذلك وجوبها عنهم، وقال أبو سريحة كنت جارا لأبي بكر وعمر فكانا لا يضحيان خشية أن يقتدي الناس بهما وقال بعض الناس الأضحية سنة كفاية إذا قام بها واحد من أهل دار أو محلة أو بيت سقطت عن الباقين لان المقصود إظهار الشعار: وقد روى الإمام أحمد وأهل السنن وحسنه الترمذي عن محنف بن سليم أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول بعرفات " على كل أهل بيت في كل عام أضحاة وعتيرة، هل تدرون ما العتيرة؟ هي التي تدعونها الرجبية " وقد تكلم في إسناده، وقال أبو أيوب كان الرجل في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم يضحي بالشاة الواحدة عنه وعن أهل بيته فيأ كلون ويطعمون حتى تباهى الناس فصار كما ترى رواه الترمذي وصححه وابن ماجة،