عبد الرحمن بن شريح عن سلامان بن عامر قال كان فضالة برودس أميرا على الأرباع فخرج بجنازتي رجلين أحدهما قتيل والآخر متوفى فذكر نحو ما تقدم وقوله " ذلك ومن عاقب بمثل ما عوقب به " الآية ذكر مقاتل بن حيان وابن جرير أنها نزلت في سرية من الصحابة لقوا جمعا من المشركين في شهر محرم فناشدهم المسلمون لئلا يقاتلوهم في الشهر الحرام فأبى المشركون إلا قتالهم وبغوا عليهم فقاتلهم المسلمون فنصرهم الله عليهم " إن الله لعفو غفور ".
ذلك بأن الله يولج الليل في النهار ويولج النهار في الليل وأن الله سميع بصير (61) ذلك بأن الله هو الحق وأن ما يدعون من دونه هو الباطل وأن الله هو العلي الكبير (62) يقول تعالى منبها على أنه الخالق المتصرف في خلقه بما يشاء كما قال " قل اللهم مالك الملك تؤتي الملك من تشاء وتنزع الملك ممن تشاء وتعز من تشاء وتذل من تشاء بيدك الخير إنك على كل شئ قدير * تولج الليل في النهار وتولج النهار في الليل وتخرج الحي من الميت وتخرج الميت من الحي وترزق من تشاء بغير حساب " ومعنى إيلاجه الليل في النهار والنهار في الليل إدخاله من هذا في هذا ومن هذا في هذا فتارة يطول الليل ويقصر النهار كما في الشتاء وتارة يطول النهار ويقصر الليل كما في الصيف وقوله وأن الله سميع بصير " أي سميع بأقوال عباده بصير بهم لا يخفى عليه منهم خافية في أحوالهم وحركاتهم وسكناتهم ولما تبين أنه المتصرف في الوجود الحاكم الذي لا معقب لحكمه قال " ذلك بأن الله هو الحق " أي الاله الحق الذي لا تنبغي العبادة إلا له لأنه ذو السلطان العظيم الذي ما شاء كان وما لم يشأ لم يكن وكل شئ إليه فقير، ذليل لديه " وأن ما يدعون من دونه هو الباطل " أي من الأصنام والأنداد والأوثان وكل ما عبد من دونه تعالى فهو باطل لأنه لا يملك ضرا ولا نفعا وقوله " وأن الله هو العلي الكبير " كما قال " وهو العلي العظيم " وقال وهو الكبير المتعال " فكل شئ تحت قهره وسلطانه وعظمته لا إله إلا هو ولا رب سواه لأنه العظيم الذي لا أعظم منه العلي الذي لا أعلى منه، الكبير الذي لا أكبر منه، تعالى وتقدس وتنزه عز وجل عما يقول الظالمون المعتدون علوا كبيرا.
ألم تر أن الله أنزل من السماء ماء فتصبح الأرض مخضرة إن الله لطيف خبير (63) له ما في السماوات وما في الأرض وإن الله لهو الغني الحميد (64) ألم تر أن الله سخر لكم ما في الأرض والفلك تجري في البحر بأمره يمسك السماء أن تقع على الأرض إلا بإذنه إن الله بالناس لرءوف رحيم (65) وهو الذي أحياكم ثم يميتكم ثم يحييكم أن الانسان لكفور (66) وهذا أيضا من الدلالة على قدرته وعظيم سلطانه وأنه يرسل الرياح فتثير سحابا فتمطر على الأرض الجرز التي لا نبات فيها وهي هامدة يابسة سوداء ممحلة " فإذا أنزلنا عليها الماء اهتزت وربت " وقوله: " فتصبح الأرض مخضرة " الفاء ههنا للتعقيب وتعقيب كل شئ بحسبه كما قال تعالى " ثم خلقنا النطفة علقة فخلقنا العلقة مضغة " الآية وقد ثبت في الصحيحين أن بين كل شيئين أربعين يوما ومع هذا هو معقب بالفاء وهكذا ههنا، قال " فتصبح الأرض مخضرة " أي خضراء بعد يباسها (1) ومحولها. وقد ذكر عن بعض أهل الحجاز أنها تصبح عقب المطر خضراء فالله أعلم وقوله " إن الله لطيف خبير " أي عليم بما في أرجاء الأرض وأقطارها وأجزائها من الحب وإن صغر لا يخفي عليه خافية فيوصل إلى كل منه قسطه من الماء فينبته به كما قال لقمان " يا بني إنها إن تك مثقال حبة من خردل قسطه من الماء فينبته به كما قال لقمان " يا بني إنها إن تك مثقال حبة من خردل فتكن في صخرة أو في السماوات أو في الأرض يأتي بها الله إن الله لطيف خبير وقال: " ألا (1) المناسب يبسها لأنه يقال أرضي يباس أي يابسة.