جندنا لهم الغالبون " وقال تعالى " كتب الله لأغلبن أنا ورسلي إن الله لقوي عزيز ".
الذين إن مكنهم في الأرض أقاموا الصلاة وآتوا الزكاة وأمروا بالمعروف ونهوا عن المنكر ولله عقبة الأمور (41) قال ابن أبي حاتم حدثنا أبي حدثنا أبو الربيع الزهراني حدثنا حماد بن زيد عن أيوب وهشام عن محمد قال: قال عثمان بن عفان فينا نزلت " الذين إن مكناهم في الأرض أقاموا الصلاة وآتوا الزكاة وأمروا بالمعروف ونهوا عن المنكر " فأخرجنا من ديارنا بغير حق إلا أن قلنا ربنا الله ثم مكنا في الأرض فأقمنا الصلاة وآتينا الزكاة وأمرنا بالمعروف ونهينا عن المنكر ولله عاقبة الأمور فهي لي ولأصحابي وقال أبو العالية هم أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم وقال الصباح بن سواده الكندي سمعت عمر بن عبد العزيز يخطب وهو يقول " الذين إن مكناهم في الأرض " الآية ثم قال ألا إنها ليست على الوالي وحده ولكنها على الوالي والمولى عليه، ألا أنبئكم بما لكم على الوالي من ذلكم وبما للوالي عليكم منه إن لكم على الوالي من ذلكم أن يأخذكم بحقوق الله عليكم وأن يأخذ لبعضكم من بعض وأن يهديكم للتي هي أقوم ما استطاع وإن عليكم من ذلك الطاعة غير المبزوزة ولا المستكره بها ولا المخالف سرها علانيتها، وقال عطية العوفي هذه الآية كقوله " وعد الله الذين آمنوا منكم وعملوا الصالحات ليستخلفهم في الأرض " وقوله " ولله عاقبة الأمور " كقوله تعالى والعاقبة للمتقين وقال زيد بن أسلم ولله عاقبة الأمور وعند الله ثواب ما صنعوا.
وإن يكذبوك فقد كذبت قبلهم قوم نوح وعاد وثمود (42) وقوم إبراهيم وقوم لوط (43) وأصحاب مدين وكذب موسى فأمليت للكافرين ثم أخذتهم فكيف كان نكير (44) فكأين من قرية أهلكناها وهي ظالمة فهي خاوية على عروشها وبئر معطلة وقصر مشيد (45) أفلم يسيروا في الأرض فتكون لهم قلوب يعقلون بها أو آذان يسمعون بها فإنها لا تعمي الأبصار ولكن تعمي القلوب التي في الصدور (46) يقول تعالى مسليا لنبيه محمد في تكذيب من خالفه من قومه " وإن يكذبوك فقد كذبت قبلهم قوم نوح - إلى أن قال - وكذب موسى " أي مع ما جاء به من الآيات البينات والدلائل الواضحات. " فأمليت للكافرين " أي أنظرتهم وأخرتهم " ثم أخذتهم فكيف كان نكير " أي فكيف كان إنكاري عليهم ومعاقبتي لهم؟! وذكر بعض السلف أنه كان بين قول فرعون لقومه أنا ربكم الاعلى وبين إهلاك الله له أربعون سنة وفي الصحيحين عن أبي موسى رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال " إن الله ليملي لظالم حتى إذا أخذه لم يفلته " ثم قرأ " وكذلك أخذ ربك إذا أخذ القرى وهي ظالمة إن أخذه أليم شديد " ثم قال تعالى " فكأين من قرية أهلكناها " أي كم من قرية أهلكتها " وهي ظالمة " أي مكذبة لرسلها " فهي خاوية على عروشها " قال الضحاك سقوفها أي قد خربت منازلها وتعطلت حواضرها " وبئر معطلة " أي لا يستقي منها ويردها أحد بعد كثرة وارديها والازدحام عليها " وقصر مشيد " قال عكرمة يعني المبيض بالجص وروي عن علي بن أبي طالب ومجاهد وعطاء وسعيد بن جبير وأبي المليح والضحاك نحو ذلك، وقال آخرون هو المنيف المرتفع وقال آخرون المشيد المنيع الحصين وكل هذه الأقوال متقاربة. ولا منافاة بينها فإنه لم يحم أهله شدة بنائه ولا ارتفاعه ولا إحكامه ولا حصانته عن حلول بأس الله بهم كما قال تعالى " أينما تكونوا يدرككم الموت ولو كنتم في بروج مشيدة " وقوله " أفلم يسيروا في الأرض " أي بأبدانهم وبفكرهم أيضا وذلك كاف كما قال ابن أبي الدنيا في كتاب التفكر والاعتبار حدثنا هارون بن عبد الله حدثنا سيار حدثنا جعفر حدثنا مالك بن دينار: قال أوحى الله تعالى إلى موسى بن عمران عليه السلام أن: يا