" وأطراف النهار " في مقابلة آناء الليل " لعلك ترضى " كما قال تعالى " ولسوف يعطيك ربك فترضى " وفي الصحيح " يقول الله تعالى يا أهل الجنة فيقولون لبيك ربنا وسعديك فيقول هل رضيتم فيقولون ربنا وما لنا لا نرضى وقد أعطيتنا ما لم تعط أحدا من خلقك فيقول إني أعطيكم أفضل من ذلك فيقولون وأي شئ أفضل من ذلك؟ فيقول أحل عليكم رضواني فلا أسخط عليكم بعده أبدا " وفي الحديث الآخر " يا أهل الجنة إن لكم عند الله موعدا يريد أن ينجزكموه فيقولون وما هو؟ ألم يبيض وجوهنا ويثقل موازيننا ويزحزحنا عن النار ويدخلنا الجنة فيكشف الحجاب فينظرون إليه فوالله ما أعطاهم خيرا من النظر إليه وهي الزيادة ".
ولا تمدن عينيك إلى ما متعنا به أزواجا منهم زهرة الحياة الدنيا لنفتنهم فيه ورزق ربك خير وأبقى (131) وأمر أهلك بالصلاة واصطبر عليها لا نسئلك رزقا نحن نرزقك والعقبة للتقوى (132) يقول تعالى لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم لا تنظر إلى ما هؤلاء المترفون وأشباههم ونظراؤهم فيه من النعيم فإنما هو زهرة زائلة ونعمة حائلة لنختبرهم بذلك وقليل من عبادي الشكور، وقال مجاهد " أزواجا منهم " يعني الأغنياء فقد آتاك خيرا مما آتاهم كما قال في الآية الأخرى " ولقد آتينا ك سبعا من المثاني والقرآن العظيم لا تمدن عينيك " وكذا ما ادخره الله تعالى لرسوله في الآخرة أمر عظيم لا يحد ولا يوصف كما قال تعالى " ولسوف يعطيك ربك فترضى " ولهذا قال " ورزق ربك خير وأبقى " وفي الصحيح أن عمر بن الخطاب لما دخل على رسول الله صلى الله عليه وسلم في تلك المشربة التي كان قد اعتزل فيها نساءه حين آلى منهم فرآه متوسدا مضطجعا على رمال حصير وليس في البيت إلا صبرة من قرظ واهية معلقة فابتدرت عينا عمر بالبكاء فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم " ما يبكيك يا عمر؟ " فقال يا رسول الله إن كسرى وقيصر فيما هما فيه وأنت صفوة الله من خلقه فقال " أو في شك أنت يا ابن الخطاب؟
أولئك قوم عجلت لهم طيباتهم في حياتهم الدنيا " فكان صلى الله عليه وسلم أزهد الناس في الدنيا مع القدرة عليها إذا حصلت له ينفقها هكذا وهكذا في عباد الله ولم يدخر لنفسه شيئا لغد، قال ابن أبي حاتم أنبأنا يونس أخبرني ابن وهب أخبرني مالك عن زيد بن أسلم عن عطاء بن يسار عن أبي سعيد أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال " أن أخوف ما أخاف عليكم ما يفتح الله لكم من زهرة الدنيا " قالوا وما زهرة الدنيا يا رسول الله قال " بركات الأرض " وقال قتادة والسدي: زهرة الحياة الدنيا يعني زينة الحياة الدنيا وقال قتادة " لنفتنهم فيه " لنبتليهم وقوله " وأمر أهلك بالصلاة واصطبر عليها " أي استنقذهم من عذاب الله بإقام الصلاة واصبر أنت على فعلها كما قال تعالى " يا أيها الذين آمنوا قوا أنفسكم وأهليكم نارا " وقال ابن أبي حاتم حدثنا أبي حدثنا أحمد بن صالح حدثنا ابن وهب أخبرني هشام بن سعد عن زيد بن أسلم عن أبيه أن عمر بن الخطاب كان يبيت عنده أنا ويرفأ وكان له ساعة من الليل يصلي فيها فربما لم يقم فنقول لا يقوم الليلة كما كان يقوم وكان إذا استيقظ أقام يعني أهله وقال " وأمر أهلك بالصلاة واصطبر عليها " وقوله " لا نسألك رزقا نحن نرزقك " يعني إذا أقمت الصلاة أتاك الرزق من حيث لا تحتسب كما قال تعالى " ومن يتق الله يجعل له مخرجا ويرزقه من حيث لا يحتسب " وقال تعالى " وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون " إلى قوله " إن الله هو الرزاق ذو القوة المتين " ولهذا قال " لا نسألك رزقا نحن نرزقك " وقال الثوري " لا نسألك رزقا " أي لا نكلفك الطلب وقال ابن أبي حاتم حدثنا أبو سعيد الأشج حدثنا حفص بن غياث عن هشام عن أبيه أنه كان إذا دخل على أهل الدنيا فرأى من دنياهم طرفا فإذا رجع إلى أهله فدخل الدار قرأ " ولا تمدن عينيك - إلى قوله - نحن نرزقك " ثم يقول الصلاة الصلاة رحمكم الله وقال ابن أبي حاتم حدثنا أبي حدثنا عبد الله بن أبي زياد القطراني حدثنا سيار حدثنا جعفر عن ثابت قال كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا أصابه خصاصة نادى أهله " يا أهلاه صلوا صلوا " قال ثبت وكانت الأنبياء إذا نزل بهم أمر فزعوا إلى الصلاة وقد روى الترمذي وابن ماجة من حديث عمران بن زائدة عن أبيه عن أبي خالد الوالبي عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم