الواحد القهار " فنزه نفسه عن اتخاذ الولد مطلقا ولا سيما عما يقولون من الإفك والباطل من اتخاذ عيسى أو العزير أو الملائكة " سبحان الله عما يقولون علوا كبيرا " وقوله " إن كنا فاعلين " قال قتادة والسدي وإبراهيم النخعي ومغيرة بن مقسم أي ما كنا فاعلين وقال مجاهد: كل شئ في القرآن إن فهو إنكار، وقوله " بل تقذف بالحق على الباطل " أي نبين الحق فيدحض الباطل ولهذا قال " فيدمغه فإذ هو زاهق " أي ذاهب مضمحل " ولكم الويل " أي أيها القاتلون لله ولد " مما تصفون " أي تقولون وتفترون، ثم أخبر تعالى عن عبودية الملائكة له ودأبهم في طاعته ليلا ونهارا فقال " وله من في السماوات والأرض ومن عنده " يعني الملائكة " لا يستكبرون عن عبادته " أي لا يستنكفون عنها كما قال " لن يستنكف المسيح أن يكون عبدا لله ولا الملائكة المقربون * ومن يستنكف عن عبادته ويستكبر فسيحشرهم إليه جميعا " وقوله " ولا يستحسرون " أي لا يتعبون ولا يملون " يسبحون الليل والنهار لا يفترون " فهم دائبون في العمل ليلا ونهارا مطيعون قصدا وعملا قادرون عليه كما قال تعالى " لا يعصون الله ما أمرهم ويفعلون ما يؤمرون " وقال ابن أبي حاتم حدثنا علي بن أبي دلامة البغدادي أنبأنا عبد الوهاب بن عطاء حدثنا سعيد عن قتادة عن صفوان بن محرز عن حكيم بن حزام قال: بينا رسول الله صلى الله عليه وسلم بين أصحابه إذ قال لهم " هل تسمعون ما أسمع " قالوا ما نسمع من شئ. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم " إني لاسمع أطيط السماء وما تلام أن تئط وما فيها موضع شبر إلا وعليه ملك ساجد أو قائم " غريب ولم يخرجوه ثم رواه أعني ابن أبي حاتم من طريق يزيد بن أبي زريع عن سعيد عن قتادة مرسلا، وقال محمد بن إسحاق عن حسان بن مخارق عن عبد الله بن الحارث بن نوفل قال: جلست إلى كعب الأحبار وأنا غلام فقلت له أرأيت قول الله تعالى للملائكة " يسبحون الليل والنهار لا يفترون " أما يشغلهم عن التسبيح الكلام والرسالة والعمل. فقال من هذا الغلام؟ فقالوا من بني عبد المطلب، قال فقبل رأسي ثم قال: يا بني إنه جعل لهم التسبيح كما جعل لكم النفس أليس تتكلم وأنت تتنفس وتمشي وأنت تتنفس؟
أم اتخذوا آلهة من الأرض هم ينشرون (21) لو كان فيهما آلهة إلا الله لفسدتا فسبحن الله رب العرش عما يصفون (22) لا يسئل عما يفعل وهم يسئلون (23) ينكر تعالى على من اتخذ من دونه آلهة فقال: " أم اتخذوا آلهة من الأرض هم ينشرون " أي أهم يحيون الموتى وينشرونهم من الأرض أي لا يقدرون على شئ من ذلك فكيف جعلوها لله ندا وعبدوها معه، ثم أخبر تعالى أنه لو كان في الوجود آلهة غيره لفسدت السماوات والأرض فقال " لو كان فيهما آلهة " أي في السماوات والأرض " لفسدتا " كقوله تعالى " ما اتخذ الله من ولد وما كان معه من إله إذا لذهب كل إله بما خلق ولعلا بعضهم على بعض سبحان الله عما يصفون " وقال ههنا " فسبحان الله رب العرش عما يصفون " أي عما يقولون إن له ولدا أو شريك سبحانه وتعالى وتقدس وتنزه عن الذي يفترون ويأفكون علوا كبيرا. وقوله " لا يسئل عما يفعل وهم يسئلون " أي هو الحاكم الذي لا معقب لحكمه ولا يعترض عليه أحد لعظمته وجلاله وكبريائه وعلمه وحكمته وعدله ولطفه " وهم يسئلون " أي وهو سائل خلقه عما يعملون كقوله " فوربك لنسألنهم أجمعين عما كانوا يعملون " وهذا كقوله تعالى " وهو يجير ولا يجار عليه ".
أم اتخذوا من دونه آلهة قل هاتوا برهانكم هذا ذكر من معي وذكر من قبلي بل أكثرهم لا يعلمون الحق فهم معرضون (24) وما أرسلنا من قلبك من رسول إلا نوحي إليه أنه لا إله إلا أنا فاعبدون (25) يقول تعالى " أم اتخذوا من دونه آلهة قل " يا محمد " هاتوا برهانكم " أي دليلكم على ما تقولون " هذا ذكر