سورة الكافرون ست آيات مكية اعلم أن هذه السورة تسمى سورة المنابذة وسورة الإخلاص والمقشقشة، وروى أن من قرأها فكأنما قرأ ربع القرآن، والوجه فيه أن القرآن مشتمل على الأمر بالمأمورات والنهي عن المحرمات، وكل واحد منهما ينقسم إلى ما يتعلق بالقلوب وإلى ما يتعلق بالجوارح وهذه السورة مشتملة على النهي عن المحرمات المتعلقة بأفعال القلوب فتكون ربعا للقرآن والله أعلم.
بسم الله الرحمن الرحيم * (قل يا أيها الكافرون) *.
* (قل يا أيها الكافرون) *.
اعلم أن قوله تعالى: * (قل) * فيه فوائد: أحدها: أنه عليه السلام كان مأمورا بالرفق واللين في جميع الأمور كما قال: * (ولو كنت فظا غليظ القلب لانفضوا من حولك، فبما رحمة من الله لنت لهم، بالمؤمنين رؤوف رحيم، وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين) * ثم كان مأمورا بأن يدعو إلى الله بالوجه الأحسن: * (وجاد لهم بالتي هي أحسن) * ولما كان الأمر كذلك، ثم إنه خاطبهم بيا أيها الكافرون فكانوا يقولون: كيف يليق هذا التغليظ بذلك الرفق فأجاب بأني مأمور بهذا الكلام لا أني ذكرته من عند نفسي فكان المراد من قوله: قل تقرير هذا المعنى وثانيها: أنه لما قيل له: * (وأنذر عشيرتك الأقربين) * وهو كان يحب أقرباءه لقوله: * (قل لا أسألكم عليه أجرا إلا المودة في القربى) * فكانت القرابة ووحدة النسب كالمانع من إظهار الخشونة فأمر بالتصريح بتلك الخشونة والتغليظ فقيل له: * (قل) *، وثالثها: أنه لما قيل له: * (يا أيها الرسول بلغ ما أنزل إليك من ربك وإن لم تفعل فما بلغت رسالته) * فأمر بتبليغ كل من أنزل عليه فلما قال الله تعالى له: * (قل يا أيها الكافرون) * نقل هو عليه السلام هذا الكلام بجملته كأنه قال: إنه تعالى أمرني بتبليغ كل ما أنزل علي والذي أنزل علي هو مجموع قوله: * (قل يا أيها الكافرون) * فأنا أيضا أبلغه إلى الخلق هكذا ورابعها: أن الكفار كانوا مقرين بوجود الصانع، وأنه هو الذي خلقهم ورزقهم، على ما قال