الأحدية مجهولة مستنكرة عند أكثر الخلق، وكانت الصمدية معلومة الثبوت عند جمهور الخلق، لا جرم جاء لفظ أحد على سبيل التنكير ولفظ الصمد على سبيل التعريف.
السؤال الثاني: ما الفائدة في تكرير لفظة الله في قوله: * (الله أحد الله الصمد) *؟ الجواب: لو لم تكرر هذه اللفظة لوجب في لفظ أحد وصمد أن يردا، إما نكرتين أو معرفتين، وقد بينا أن ذلك غير جائز، فلا جرم كررت هذه اللفظة حتى يذكر لفظ أحد منكرا ولفظ الصمد معرفا.
* (لم يلد ولم يولد) *.
قوله تعالى: * (لم يلد ولم يولد) * فيه سؤالات:
السؤال الأول: لم قدم قوله: * (لم يلد) * على قوله: * (ولم يولد) * مع أن في الشاهد يكون أولا مولودا، ثم يكون والدا؟ الجواب: إنما وقعت البداءة بأنه لم يلد، لأنهم ادعوا أن له ولدا، وذلك لأن مشركي العرب قالوا: * (الملائكة بنات الله، وقالت اليهود عزير ابن الله، وقالت النصارى المسيح ابن الله) * ولم يدع أحد أن له والدا فلهذا السبب بدأ بالأهم فقال: * (لم يلد) * ثم أشار إلى الحجة فقال: * (ولم يولد) * كأنه قيل: الدليل على امتناع الولدية اتفاقنا على أنه ما كان ولدا لغيره.
السؤال الثاني: لماذا اقتصر على ذكر الماضي فقال: * (لم يلد) * ولم يقل: لن يلد؟ الجواب: إنما اقتصر على ذلك لأنه ورد جوابا عن قولهم ولد الله والدليل عليه قوله تعالى: * (ألا إنهم من إفكهم ليقولون ولد الله) * فلما كان المقصود من هذه الآية تكذيب قولهم وهم إنما قالوا ذلك في الماضي، لا جرم وردت الآية على وفق قوله.
السؤال الثالث: لم قال ههنا: * (لم يلد) * وقال في سورة بني إسرائيل: * (ولم يتخذ ولدا) *؟ الجواب: أن الولد يكون على وجهين: أحدهما: أن يتولد منه مثله وهذا هو الولد الحقيقي والثاني: أن لا يكون متولدا منه ولكنه يتخذه ولدا ويسميه هذا الاسم، وإن لم يكن ولدا له في الحقيقة، والنصارى فريقان: منهم من قال: عيسى ولد الله حقيقة، ومنهم من قال: إن الله اتخذه ولدا تشريفا له، كما اتخذ إبراهيم خليلا تشريفا له، فقوله: * (لم يلد) * فيه إشارة إلى نفي الوالد في الحقيقة، وقوله: * (لم يتخذ ولدا) * إشارة إلى نفي القسم الثاني، ولهذا قال: * (لم يتخذ ولدا، ولم يكن له شريك في الملك) * لأن الإنسان قد يتخذ ولدا ليكون ناصرا ومعينا له على الأمر المطلوب، ولذلك قال في سورة أخرى: * (وقالوا اتخذ الرحمن ولدا سبحانه هو الغني) * وإشارة إلى ما ذكرنا أن اتخاذ الولد إنما يكون عند الحاجة.
السؤال الرابع: نفي كونه تعالى والدا ومولودا، هل يمكن أن يعلم بالسمع أم لا، وإن كان لا يمكن ذلك فما الفائدة في ذكره ههنا؟ الجواب: نفي كونه تعالى والدا مستفاد من العلم بأنه تعالى ليس بجسم ولا متبعض ولا منقسم، ونفي كونه تعالى مولودا مستفاد من العلم بأنه تعالى