سورة الهمزة تسع آيات مكية بسم الله الرحمن الرحيم * (ويل لكل همزة لمزة) *.
* (ويل لكل همزة لمزة) * فيه مسائل:
المسألة الأولى: الويل لفظة الذم والسخط، وهي كلمة كل مكروب يتولون فيدعو بالويل وأصله وي لفلان ثم كثرت في كلامهم فوصلت باللام، وروى أنه جبل في جهنم إن قيل: لم قال: ههنا: * (ويل) * وفي موضع آخر: * (ولكم الويل) *؟ قلنا: لأن ثمة قالوا: * (يا ويلنا إنا كنا ظالمين) * فقال: * (ولكم الويل) * وههنا نكر لأنه لا يعلم كنهه إلا الله، وقيل: في ويل إنها كلمة تقبيح، وويل استصغار وويح ترحم، فنبه بهذا على قبح هذا الفعل، واختلفوا في الوعيد الذي في هذه السورة هل يتناول كل من يتمسك بهذه الطريقة في الأفعال الرديئة أو هو مخصوص بأقوام معينين، أما المحققون فقالوا: إنه عام لكل من يفعل هذا الفعل كائنا من كان وذلك لأن خصوص السبب لا يقدح في عموم اللفظ وقال آخرون: إنه مختص بأناس معينين، ثم قال عطاء والكلبي: نزلت في الأخنس بن شريق كان يلمز الناس ويغتابهم وخاصة رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقال مقاتل: نزلت في الوليد بن المغيرة كان يغتاب النبي صلى الله عليه وسلم من ورائه ويطعن عليه في وجهه، وقال محمد بن إسحاق: ما زلنا نسمع أن هذه السورة نزلت في أمية بن خلف، قال الفراء: وكون اللفظ عاما لا ينافي أن يكون المراد منه شخصا معينا، كما أن إنسانا لو قال: لك لا أزورك أبدا فتقول: أنت كل من لم يزرني لا أزوره وأنت إنما تريده بهذه الجملة العامة وهذا هو المسمى في أصول الفقه بتخصيص العام بقرينة العرف.
المسألة الثانية: الهمز الكسر قال تعالى: * (هماز مشاء) * واللمز الطعن والمراد الكسر من أعراض الناس والغض منهم والطعن فيهم، قال تعالى: * (ولا تلمزوا أنفسكم) * وبناء فعله يدل على أن ذلك عادة منه قد ضري بها ونحوهما اللعنة والضحكة، وقرئ: * (ويل لكل همزة لمزة) * بسكون الميم وهي المسخرة التي تأتي بالأوابد والأضاحيك فيضحك منه ويشتم وللمفسرين ألفاظا أحدها: قال ابن عباس: الهمزة المغتاب، واللمزة العياب وثانيها: قال أبو زيد: الهمزة باليد واللمزة