وأما النوع الثاني: وهو الإشارة إلى الصفات السلبية فذكروا فيه وجوها: الأول: الصمد هو الغني على ما قال: * (وهو الغني الحميد) * الثاني: الصمد الذي ليس فوقه أحد لقوله: * (وهو القاهر فوق عباده) * ولا يخاف من فوقه، ولا يرجو من دونه ترفع الحوائج إليه الثالث: قال قتادة: لا يأكل ولا يشرب: * (وهو يطعم ولا يطعم) * الرابع: قال قتادة: الباقي بعد فناء خلقه: * (كل من عليها فان) * الخامس: قال الحسن البصري: الذي لم يزل ولا يزال، ولا يجوز عليه الزوال كان ولا مكان، ولا أين ولا أواه، ولا عرش ولا كرسي، ولا جني ولا إنسي وهو الآن كما كان السادس: قال يمان وأبو مالك: الذي لا ينام ولا يسهو الثامن: قال ابن كيسان: هو الذي لا يوصف بصفة أحد التاسع: قال مقاتل بن حبان: هو الذي لا عيب فيه العاشر: قال الربيع بن أنس: هو الذي لا تعتريه الآفات الحادي عشر: قال سعيد بن جبير: إنه الكامل في جميع صفاته، وفي جميع أفعاله الثاني عشر: قال جعفر الصادق: إنه الذي يغلب ولا يغلب الثالث عشر: قال أبو هريرة: إنه المستغنى عن كل أحد الرابع عشر: قال أبو بكر الوراق: إنه الذي أيس الخلائق من الاطلاع على كيفيته الخامس عشر: هو الذي لا تدركه الأبصار السادس عشر: قال أبو العالية ومحمد القرظي: هو الذي لم يلد ولم يولد، لأنه ليس شيء إلا سيورث، ولا شيء يولد إلا وسيموت السابع عشر: قال ابن عباس: إنه الكبير الذي ليس فوقه أحد الثامن عشر: أنه المنزه عن قبول النقصانات والزيادات، وعن أن يكون موردا للتغيرات والتبدلات، وعن إحاطة الأزمنة والأمكنة والآنات والجهات.
وأما الوجه الثالث: وهو أن يحمل لفظ الصمد على الكل وهو محتمل، لأنه بحسب دلالته على الوجوب الذاتي يدل على جميع السلوب، وبحسب دلالته على كونه مبدأ للكل يدل على جميع النعوت الإلهية.
المسألة الثانية: قوله: * (الله الصمد) * يقتضي أن لا يكون في الوجود صمد سوى الله، وإذا كان الصمد مفسرا بالمصمود إليه في الحوائج، أو بما لا يقبل التغير في ذاته لذم أن لا يكون في الوجود موجود هكذا سوى الله تعالى، فهذه الآية تدل على أنه لا إله سوى الواحد، فقوله: * (الله أحد) * إشارة إلى كونه واحدا، بمعنى أنه ليس في ذاته تركيب ولا تأليف بوجه من الوجوه، وقوله: * (الله الصمد) * إشارة إلى كونه واحدا، بمعنى نفي الشركاء والأنداد والأضداد. وبقي في الآية سؤالان:
السؤال الأول: لم جاء أحد منكرا، وجاء الصمد معرفا؟ الجواب: الغالب على أكثر أوهام الخلق أن كل موجود محسوس، وثبت أن كل محسوس فهو منقسم، فإذا مالا يكون منقسما لا يكون خاطرا بيان أكثر الخلق، وأما الصمد فهو الذي يكون مصمودا إليه في الحوائج، وهذا كان معلوما للعرب بل لأكثر الخلق على ما قال: * (ولئن سألتهم من خلقهم ليقولن الله) * وإذا كانت