المسألة السابعة: قرىء ناصية بالرفع والتقدير هي ناصية، وناصية بالنصب وكلاهما على الشتم، واعلم أن الرسول عليه السلام لما أغلظ في القول لأبي جهل وتلا عليه هذه الآيات، قال: يا محمد بمن تهددني وأني لأكثر هذا الوادي ناديا، فافتخر بجماعته الذين كانوا يأكلون حطامه، فنزل قوله تعالى: * (فليدع ناديه، سندع الزبانية) * وفيه مسائل:
المسألة الأولى: قد مر تفسير النادي عند قوله: * (وتأتون في ناديكم المنكر) * قال أبو عبيدة: ناديه أي أهل مجلسه، وبالجملة فالمراد من النادي أهل النادي، ولا يسمى المكان ناديا حتى يكون فيه أهله، وسمى ناديا لأن القوم يندون إليه ندا وندوة، ومنه دار الندوة بمكة، وكانوا يجتمعون فيها للتشاور، وقيل: سمي ناديا لأنه مجلس الندى والجود، ذكر ذلك على سبيل التهكم أي: أجمع أهل الكرم والدفاع في زعمك لينصروك.
المسألة الثانية: قال أبو عبيدة والمبرد: واحد الزبانية زبنية وأصله من زبنية إذا دفعته وهو متمرد من إنس أو جن، ومثله في المعنى والتقدير عفرية يقال: فلان زبنية عفرية، وقال الأخفش: قال بعضهم واحده الزباني، وقال آخرون: الزابن، وقال آخرون: هذا من الجمع الذي لا واحد له من لفظه في لغة الغرب مثل أبابيل وعباديد وبالجملة فالمراد ملائكة العذاب، ولا شك أنهم مخصوصون بقوة شديدة. وقال مقاتل: هم خزنة جهنم أرجلهم في الأرض ورؤسهم في السماء، وقال قتادة: الزبانية هم الشرط في كلام العرب وهم الملائكة الغلاظ الشداد، وملائكة النار سموا الزبانية لأنهم يزبنون الكفار أي يدفعونهم في جهنم.
المسألة الثالثة: في الآية قولان: الأول: أي فليفعل ما ذكره من أنه يدعو أنصاره ويستعين بهم في مباطلة محمد، فإنه لو فعل ذلك فنحن ندعو الزبانية الذين لا طاقة لناديه وقومه بهم، قال ابن عباس: لو دعا ناديه لأخذته الزبانية من ساعته معاينة، وقيل: هذا إخبار من الله تعالى بأنه يجر في الدنيا كالكلب وقد فعل به ذلك يوم بدر، وقيل: بل هذا إخبار بأن الزبانية يجرونه في الآخرة إلى النار القول الثاني: أن في الآية تقديما وتأخيرا أي لنسفعا بالناصية وسندع الزبانية في الآخرة، فليدع هو ناديه حينئذ فليمنعوه.
المسألة الرابعة: الفاء في قوله: * (فليدع ناديه) * تدل على المعجز، لأن هذا يكون تحريضا للكافر على دعوة ناديه وقومه، ومتى فعل الكافر ذلك ترتب عليه دعوة الزبانية، فلما لم يجترئ الكافر على ذلك دل على ظهور معجزة الرسول صلى الله عليه وسلم.
المسألة الخامسة: قرىء: * (ستدعى) * على المجهول، وهذه السير ليست للشك عسى