المصدر، والمعنى: حركت حركة شديدة، كما قال: * (إذا رجت الأرض رجا) * وقال قوم: ليس المراد من زلزلت حركت، بل المراد: تحركت واضطربت، والدليل عليه أنه تعالى يخبر عنها في جميع السورة كما يخبر عن المختار القادر، ولأن هذا أدخل في التهويل كأنه تعالى يقول: إن الجماد ليضطرب لأوائل القيامة، أما آن لك أن تضطرب وتتيقظ من غفلتك ويقرب منه: * (لرأيته خاشعا متصدعا من خشية الله) * واعلم أن زل للحركة المعتادة، وزلزل للحركة الشديدة العظيمة، لما فيه من معنى التكرير، وهو كالصرصر في الريح، ولأجل شدة هذه الحركة وصفها الله تعالى بالعظم فقال: * (إن زلزلة الساعة شيء عظيم) *.
المسألة الرابعة: قال مجاهد: المراد من الزلزلة المذكورة في هذه الآية النفخة الأولى كقوله: * (يوم ترجف الراجفة، تتبعها الرادفة) * أي تزلزل في النفخة الأولى، ثم تزلزل ثانيا فتخرج موتاها وهي الأثقال، وقال آخرون: هذه الزلزلة هي الثانية بدليل أنه تعالى جعل من لوازمها أنها تخرج الأرض أثقالها، وذلك إنما يكون في الزلزلة الثانية.
المسألة الخامسة: في قوله: * (زلزالها) * بالإضافة وجوه أحدها: القدر اللائق بها في الحكمة، كقولك: أكرم التقي إكرامه وأهن الفاسق إهانته، تريد ما يستوجبانه من الإكرام والإهانة والثاني: أن يكون المعنى زلزالها كله وجميع ما هو ممكن منه، والمعنى أنه وجد من الزلزلة كل ما يحتمله المحل والثالث: * (زلزالها) * الموعود أو المكتوب عليها إذا قدرت تقدير الحي، تقريره ما روى أنها تزلزل من شدة صوت إسرافيل لما أنها قدرت تقدير الحي.
* (وأخرجت الأرض أثقالها) *.
أما قوله: * (وأخرجت الأرض أثقالها) * ففيه مسألتان:
المسألة الأولى: في الأثقال قولان: * (أحدهما) * أنه جمع ثقل وهو متاع البيت: * (وتحمل أثقالكم) * جعل ما في جوفها من الدفائن أثقالا لها، قال أبو عبيدة والأخفش: إذا كان الميت في بطن الأرض فهو ثقل لها، وإذا كان فوقها فهو ثقل عليها، وقيل: سمي الجن والإنس بالثقلين لأن الأرض تثقل بهم إذا كانوا في بطنها ويثقلون عليها إذا كانوا فوقها، ثم قال: المراد من هذه الزلزلة، الزلزلة الأولى يقول: أخرجت الأرض أثقالها، يعني الكنوز فيمتلئ ظهر الأرض ذهبا ولا أحد يلتفت إليه، كأن الذهب يصيح ويقول: أما كنت تخرب دينك ودنياك لأجلي! أو تكون الفائدة في إخراجها كما قال تعالى: * (يوم يحمي عليها في نار جهنم) * ومن قال: المراد من هذه الزلزلة الثانية وهي بعد القيامة. قال: تخرج الأثقال يعني الموتى أحياء كالأم تلده حيا، وقيل: تلفظه الأسرار، ولذلك قال: * (يومئذ تحدث أخبارها) * فتشهد لك أو عليك.