سوء) * والشديد البخيل الممسك، يقال: فلان شديدة ومتشدد، قال طرفة:
أرى الموت يعتام الكرام ويصطفي * عقيلة مال الفاحش المتشدد ثم في التفسيري وجوه أحدها: أنه لأجل حب المال لبخيل ممسك وثانيها: أن يكون المراد من الشديدة القرى، ويكون المعنى وإنه لحب المال وإيثار الدنيا وطلبها قوي مطيق، وهو لحب عبادة الله وشكر نعمه ضعيف، تقول: هو شديد لهذا الأمر وقوي له، وإذا كان مطيقا له ضابطا وثالثها: أراد إنه لحب الخيرات غير هني منبسط ولكنه شديد منقبض ورابعها: قال الفراء: يجوز أن يكون المعنى وإنه لحب الخير لشديد الحب يعني أنه يحب المال، ويحب كونه محبا له، إلا أنه اكتفى بالحب الأول عن الثاني، كما قال: * (اشتدت به الريح في يوم عاصف) * أي في يوم عاصف الريح فاكتفى بالأولى عن الثانية وخامسها: قال قطرب: أي إنه شديد حب الخير، كقولك إنه لزيد ضروب أي أنه ضروب زيد.
* (أفلا يعلم إذا بعثر ما فى القبور) *.
واعلم أنه تعالى لما عد عليه قبائح أفعاله خوفه، فقال: * (أفلا يعلم إذا بعثر ما في القبور) * وفيه مسألتان:
المسألة الأولى: القول في: * (بعثر) * مضى في قوله تعالى: * (وإذا القبور بعثرت) * وذكرنا أن معنى: * (بعثرت) * بعث وأثير وأخرج، وقرئ بحثر.
المسألة الثانية: لقائل أن يسأل لم قال: * (بعثر ما في القبور) * ولم يقل: بعثر من في القبور؟ ثم إنه لما قال: ما في القبور، فلم قال: * (إن ربهم بهم) * ولم يقل: إن ربها بها يومئذ لخبير؟ الجواب عن السؤال الأول: هو أن ما في الأرض من غير المكلفين أكثر فأخرج الكلام على الأغلب، أو يقال: إنهم حال ما يبعثون لا يكونون أحياء عقلاء بل بعد البعث يصيرون كذلك، فلا جرم كان الضمير الأول ضمير غير العقلاء، والضمير الثاني ضمير العقلاء.
* (وحصل ما فى الصدور) *.
ثم قال تعالى: * (وحصل ما في الصدور) * قال أبو عبيدة، أي ميز ما في الصدور، وقال الليث: الحاصل من كل شيء ما بقي وثبت وذهب سواه، والتحصيل تمييز ما يحصل والاسم الحصيلة قال لبيد:
وكل امرئ يوما سيعلم سعيه * إذا حصلت عند الإله الحصائل وفي التفسير وجوه أحدها: معنى حصل جمع في الصحف، أي أظهرت محصلا مجموعا وثانيها: أنه لا بد من التمييز بين الواجب، والمندوب، والمباح، والمكروه، والمحظور، فإن لكل واحد ومنه قيل للمنخل: المحصل وثالثها: أن كثيرا ما يكون باطن الإنسان بخلاف ظاهره، أما في يوم القيامة فإنه تتكشف الأسرار وتنتهك الأستار، ويظهر ما في البواطن، كما قال: * (يوم تلى السرائر) *.
واعلم أن حظ الوعظ منه أن يقال: إنك تستعد فيما لا فائدة لك فيه، فتبني المقابرة وتشتري