تفسير الرازي - الرازي - ج ٣٢ - الصفحة ١٥
* (خلق الإنسان من علق) *.
أما قوله تعالى: * (الذي خلق، خلق الإنسان من علق) * ففيه مسائل:
المسألة الأولى: في تفسير هذه الآية ثلاثة أوجه أحدها: أن يكون قوله: * (الذي خلق) * لا يقدر له مفعول، ويكون المعنى أنه الذي حصل منه الخلق واستأثر به لا خالق سواه والثاني: أن يقدر له مفعول ويكون المعنى أنه الذي خلق كل شيء، فيتناول كل مخلوق، لأنه مطلق، فليس حمله على البعض أولى من حمله على الباقي، كقولنا: الله أكبر، أي من كل شيء، ثم قوله بعد ذلك: * (خلق الإنسان من علق) * تخصيص للإنسان بالذكر من بين جملة المخلوقات، إما لأن التنزيل إليه أو لأنه أشرف ما على وجه الأرض والثالث: أن يكون قوله: * (اقرأ باسم ربك الذي خلق) * مبهما ثم فسره بقوله: * (خلق الإنسان من علق) * تفخيما لخلق الإنسان ودلالة على عجيب فطرته.
المسألة الثانية: احتج الأصحاب بهذه الآية على أنه لا خالق غير الله تعالى، قالوا: لأنه سبحانه جعل الخالقية صفة مميزة لذات الله تعالى عن سائر الذوات، وكل صفة هذا شأنها فإنه يستحيل وقوع الشركة فيها، قالوا: وبهذا الطريق عرفنا أن خاصية الإلهية هي القدرة على الاختراع ومما يؤكد ذلك أن فرعون لما طلب حقيقة الإله، فقال: * (وما رب العالمين) * قال موسى: * (ربكم ورب آبائكم الأولين) * والربوبية إشارة إلى الخالقية التي ذكرها ههنا، وكل ذلك يدل على قولنا.
المسألة الثالثة: اتفق المتكلمون على أن أول الواجبات معرفة الله تعالى، أو النظر في معرفة الله أو القصد إلى ذلك النظر على الاختلاف المشهور فيما بينهم، ثم إن الحكيم سبحانه لما أراد أن يبعثه رسولا إلى المشركين، لو قال له: اقرأ باسم ربك الذي لا شريك له، لأبوا أن يقبلوا ذلك منه، لكنه تعالى قدم ذلك مقدمة تلجئهم إلى الاعتراف به كما يحكى إن زفر لما بعثه أبو حنيفة إلى البصرة لتقرير مذهبه، فلما ذكر أبو حنيفة زيفوه ولم يلتفتوا إليه، فرجع إلى أبي حنيفة. وأخبره بذلك، فقال إنك لم تعرف طريق التبليغ، لكن ارجع إليهم، واذكر في المسألة أقاويل أئمتهم ثم بين ضعفها، ثم قل بعد ذلك: ههنا قول آخر، واذكر قولي وحجتي، فإذا تمكن ذلك في قلبهم، فقل: هذا قول أبي حنيفة لأنهم حينئذ يستحيون فلا يردون، فكذا ههنا أن الحق سبحانه يقول: إن هؤلاء عباد الأوثان، فلو أثنيت علي وأعرضت عن الأوثان لأبوا ذلك، لكن أذكر لهم أنهم هم الذين خلقوا من العلقة فلا يمكنهم إنكاره، ثم قل: ولا بد للفعل من فاعل فلا يمكنهم أن يضيفوا ذلك إلى الوثن لعلمهم بأنهم نحتوه، فبهذا التدريج يقرون بأني أنا المستحق للثناء دون الأوثان، كما قال تعالى: * (ولئن سألتهم من خلقهم ليقولن الله) * ثم لما صارت الإلهية موقوفة على الخالقية وحصل القطع بأن من لم يخلق لم يكن إلها، فلهذا قال تعالى: * (أفمن يخلق كمن لا يخلق) * ودلت الآية على أن القول بالطبع باطل، لأن المؤثر فيه إن كان حادثا افتقر إلى مؤثر آخر، وإن كان قديما فإما أن يكون موجبا
(١٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 10 11 12 13 14 15 16 17 18 19 20 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 (تفسير سورة ألم نشرح). 2
2 قوله تعالى (ألم نشرح لك صدرك). الكلام على حادثة شق الصدر. لم لم يقل ألم نشرح لك قلبك؟. 3
3 لم لم يقل ألم نشرح صدرك؟ لم لم يقل ألم أشرح؟ قوله تعالى (ووضعنا عنك وزرك) الاحتجاج بالآية على جواز وقوع المعصية من الأنبياء 4
4 قوله تعالى (ورفعنا لك ذكرك 5
5 تفصيل وبيان لوجوه رفع ذكر الرسول صلى الله عليه وسلم قوله تعالى (فإن مع العسر يسرا) 6
6 وجه تعلق الآية بما قبلها معنى اليسر والعسر وجه التنكير في اليسر قوله تعالى (فإذا فرغت فانصب) 7
7 وجه تعلق هذا بما قبله. قوله تعالى (وإلى ربك فارغب) (تفسير سورة التين) 8
8 قوله تعالى (والتين والزيتون) الآيات المراد التين والزيتون المعروفان. بيان مزاياها ليس المراد بهما هاتين الثمرتين؟ 9
9 ما المراد بالطور؟ 10
10 ما المراد بالبلد الأمين؟ 10
11 قوله تعالى (لقد خلقنا الإنسان في أحسن تقويم) قوله تعالى (ثم رددناه أسفل سافلين) 11
12 قوله تعالى (إلا الذين آمنوا) الآية قوله تعالى (أليس الله بأحكم الحاكمين) 12
13 (تفسير سورة القلم) 13
14 قوله تعالى (اقرأ باسم ربك) 13
15 المراد (اقرأ القرآن) قوله تعالى (الذي خلق) 13
16 الكلام على لفظ الرب. 14
17 الحكمة في أنه أضاف ذاته إليه. وجوه تفسير الآيات الثلاثة 15
18 احتج الأصحاب على أنه لا خالق غير الله اتفق المتكلمون على أن أول الواجبات معرفة الله. لم قال (من علق) 16
19 قوله تعالى (اقرأ باسم ربك الأكرم) معنى الكرم. المناسبة بين الخلق والتعليم. المراد من القلم الكتابة مطلقا، أو الكتابة بالقلم. قوله تعالى (علم الإنسان ما لم يعلم). 17
20 قوله تعالى (كلا إن الإنسان ليطغى) 17
21 المراد إنسان واحد هو أبو جهل. 17
22 معاني (كلا) 18
23 ما سبب التأكيد باللام؟ قوله تعالى (أن رآه استغنى) 19
24 وجوه الاستغناء في الآية مدح للعلم وذم للمال. الالتفات في الآية. قوله تعالى (إن إلى ربك الرجعي) 19
25 قوله تعالى (أرأيت الذي ينهى) الآية 20
26 قوله تعالى (أرأيت إن كان على الهدى) الآية 21
27 قوله تعالى (أرأيت إن كذب وتولى) الآية 22
28 قوله تعالى (كلا لئن لم ينته لنسفعا) الآية 23
29 قوله تعالى (فليدع ناديه) الآية 25
30 قوله تعالى (كلا لا تطعه واسجد واقترب) 26
31 (تفسير سورة القدر 27
32 قوله تعالى (إنا أنزلنا في ليلة القدر) قوله تعالى (وما أدراك ما ليلة القدر) 30
33 قوله تعالى (ليلة القدر خير من ألف شهر) قوله تعالى (تنزل الملائكة والروح فيها) 32
34 قوله تعالى (بإذن ربهم) 34
35 قوله تعالى (من كل أمر) 35
36 قوله تعالى (سلام هي حتى مطلع الفجر) 36
37 (تفسير سورة البينة) 38
38 قوله تعالى (لم يكن الذين كفروا من أهل الكتاب) الآية قوله تعالى (وما أمروا إلا ليعبدوا الله مخلصين له الدين) الآية 43
39 قوله تعالى (إن الذين كفروا من أهل الكتاب) الآية 49
40 قوله تعالى (ان الذين آمنوا وعملوا الصالحات) الآية 51
41 قوله تعالى (جزاؤهم عند ربهم جنات عدن) الآية 52
42 (تفسير سورة الزلزلة) 57
43 قوله تعالى (إذا زلزلت الأرض) قوله تعالى (وأخرجت الأرض أثقالها) 58
44 قوله تعالى (وقال الإنسان مالها) 59
45 قوله تعالى (يومئذ تحدث أخبارها) قوله تعالى (بأن ربك أوحى لها) 60
46 قوله تعالى (يومئذ يصدر الناس أشتاتا ليروا أعمالهم) قوله تعالى (فمن يعلم مثقال ذرة) الآيات 61
47 (تفسير سورة العاديات) 63
48 قوله تعالى (والعاديات ضبحا) قوله تعالى (فالموريات قدحا) 64
49 قوله تعالى (فالمغيرات صبحا) 65
50 قوله تعالى (فأثرن به نقعا) قوله تعالى (فوسطن به جمعا) 66
51 قوله تعالى (إن الإنسان لربه لكنود) 67
52 قوله تعالى (وإنه على ذلك لشهيد) قوله تعالى (وإنه لحب الخير لشديد) قوله تعالى (أفلا يعلم إذا بعثر ما في القبور) 68
53 قوله تعالى (وحصل ما في الصدور) قوله تعالى (إن ربهم بهم يومئذ لخبير) في التي بعدها 69
54 (تفسير سورة القارعة) 70
55 قوله تعالى (القارعة، ما القارعة) قوله تعالى (وما أدراك ما القارعة) قوله تعالى (يوم يكون الناس كالفراش المبثوث) 71
56 قوله تعالى (وتكون الجبال كالعهن المنقوش) قوله تعالى (فأما من ثقلت موازينه) 73
57 قوله تعالى (فهو في عيشه راضية) قوله تعالى (وأما من خفت موازينه) قوله تعالى (فأمه هاوية، وما أدريك ماهية) الآية 74
58 (تفسير سورة التكاثر) 75
59 قوله تعالى (ألهيكم التكاثر حتى زرتم المقابر) قوله تعالى (كلا سوف تعلمون) الآيات 78
60 قوله تعالى (ثم لتسألن يومئذ عن النعيم) 80
61 (تفسير سورة العصر) 84
62 قوله تعالى (والعصر) قوله تعالى (إن الإنسان لفي خسر) 86
63 قوله تعالى (إلا الذين آمنوا وعملوا الصالحات) 88
64 قوله تعالى (وتواصوا بالحق وتواصوا بالصبر) 89
65 (تفسير سورة الهمزة) 91
66 قوله تعالى (ويل لكل همزة لمزة) قوله تعالى (الذي جمع مالا وعدده) 92
67 قوله تعالى (يحسب أن ماله أخلده) الآيات 93
68 قوله تعالى (وما أدريك ما الحطمة) الآيات 94
69 قوله تعالى (في عمد ممددة) 95
70 (تفسير سورة الفيل) 96
71 قوله تعالى (ألم تر كيف فعل ربك بأصحاب الفيل) قوله تعالى (ألم يجعل كيدهم في تضليل) 99
72 قوله تعالى (وأرسل عليهم طيرا أبابيل) قوله تعالى (ترميهم بحجارة من سجيل) 100
73 قوله تعالى (فجعلهم كعصف مأكول) 101
74 (تفسير سورة قريش) 103
75 قوله تعالى (لإيلاف قريش إيلافهم) قوله تعالى (رحلة الشتاء والصيف) 106
76 قوله تعالى (فليعبدوا رب هذا البيت) 107
77 قوله تعالى (الذي أطعمهم من جوع) 108
78 قوله تعالى (وآمنهم من خوف) 109
79 (تفسير سورة أرأيت) 111
80 قوله تعالى (أرأيت الذي يكذب بالدين) 111
81 قوله تعالى (فذلك الذي يدع اليتيم) 112
82 قوله تعالى (ولا يحض على طعام المسكين) قوله تعالى (فويل للمصلين) 113
83 قوله تعالى (الذين هم عن صلاتهم ساهون) قوله تعالى (الذين هم يراءون) 115
84 قوله تعالى (ويمنعون الماعون) (تفسير سورة الكوثر) 117
85 قوله تعالى (إنا أعطيناك الكوثر) قوله تعالى (فصل لربك والنحر) 128
86 قوله تعالى (إن شانئك هو الأبتر) 132
87 (تفسير سورة الكافرون) 136
88 قوله تعالى (قل يا أيها الكافرون) 136
89 قوله تعالى (لا أعبد ما تعبدون) 144
90 قوله تعالى (ولا أنتم عابدون ما عبدتم) قوله تعالى (ولا أنا عابد ما أعبد) 145
91 قوله تعالى (لكم دينكم ولي دين) (تفسير سورة النصر) 149
92 قوله تعالى (إذا جاء نصر الله) قوله تعالى (والفتح) 153
93 قوله تعالى (ورأيت الناس يدخلون في دين الله أفواجا) 155
94 قوله تعالى (فسبح بحمد ربك واستغفره إنه كان توابا) 158
95 (تفسير سورة أبي لهب) 165
96 مقدمة في السورة قوله تعالى (تبت يدا أبي لهب) 166
97 قوله تعالى (وتب) 167
98 وجه إسكان الهاء من أبي لهب في قراءة ابن كثير. 169
99 قوله تعالى (ما أغنى ماله وما كسب) الفرق بين (ما أغنى عنه ماله وما كسب) 170
100 و (إذا تردى) قوله تعالى (سيصلي نارا ذات لهب) ما في هذه الآيات من الإخبار بالمغيبات. احتجاج أهل السنة بهذه الآيات على وقوع تكليف ما لا يطاق. 171
101 قوله تعالى (وامرأته حمالة الحطب) اسم المرأة أم جميل. بيان الأعمال التي كانت تعملها. 171
102 رجز أم جميل في الرسول عليه الصلاة والسلام. 172
103 كيف جاز أن ترى أم جميل أبا بكر ولا ترى الرسول وهو معه؟ وجه الوصف بأنها حمالة الحطب. 173
104 قوله تعالى (في جيدها حبل من مسد) (سورة الإخلاص) 174
105 قوله تعالى (قل هو الله أحد) فضل الدعاء بالسورة سبب نزولها 175
106 ألقاب السورة وأسماؤها. فضائل قراءة هذه السورة. 176
107 ما في الآية من المسائل. 177
108 بيان أن معرفة الله جنة حاضرة. إعراب الآية. 178
109 ما في (أحد) من الوجوه. وجوه القراءة في قوله تعالى (أحد، الله الصمد) بالوقف والتنوين إلخ. 179
110 بيان ما في الآية من مقامات. تقسيم صفات الله إلى إضافية وسلبية. 180
111 قوله تعالى (الله الصمد) 181
112 معاني الصمد وجه التنكير في (أحد) والتعريف في (الصمد) 182
113 فائدة تكرير لفظة (الله) 183
114 قوله تعالى (لم يلد ولم يولد) نفى كونه تعالى والدا. نفى كونه تعالى مولودا 183
115 المعاني الزائدة على ذلك في الآية إلى ما بعدها 184
116 مقدمة سورة الفلق 186
117 شرح مراتب المخلوقات. 186
118 سبب نزول المعوذتين. 187
119 قوله تعالى (قل أعوذ برب الفلق) ما في قوله (قل) من الفوائد. الاستعانة بالرقى. الاستعاذة. 190
120 التأويل في الفلق. 191
121 قوله تعالى (من شر ما خلق) 193
122 هل المراد إبليس خاصة؟ 193
123 هل المستعاذ منه واقع بقضاء الله تعالى أو غير واقع؟ 194
124 قوله تعالى (ومن شر غاسق إذا وقب) قوله تعالى (ومن شر النفاثات في العقد) 195
125 قوله تعالى (ومن شر حاسد إذا حسد) 196
126 (تفسير سورة الناس) 197
127 قوله تعالى (قل أعوذ برب الناس) الآيات 197
128 قوله تعالى (من شر الوسواس) الآيات 198