الخبيث وخامسها: قال الضحاك: ما ينفعه ماله وعمله الخبيث يعني كيده في عداوة رسول الله وسادسها: قال قتادة: * (وما كسب) * أي عمله الذي ظن أنه منه على شيء كقوله: * (وقدمنا إلى ما عملوا من عمل) * وفي الآية سؤالات:
السؤال الأول: قال ههنا: * (ما أغنى عنه ماله وما كسب) * وقال في سورة: * (والليل إذا يغشى) *) * وما يغني عنه ماله إذا تردى) * فما الفرق؟ الجواب: التعبير بلفظ الماضي يكون آكد كقوله: * (ما أغنى عني ماليه) * وقوله: * (أتى أمر الله) *.
السؤال الثاني: ما أغنى عنه ماله وكسبه فيماذا؟ الجواب: قال بعضهم في عداوة الرسول: فلم يغلب عليه، وقال بعضهم: بل لم يغنيا عنه في دفع النار ولذلك قال: * (سيصلى) *.
* (سيصلى نارا ذات لهب) *.
قوله تعالى: * (سيصلى نارا ذات لهب) * وفيه مسائل.
المسألة الأولى: لما أخبر تعالى عن حال أبي لهب في الماضي بالتباب وبأنه ما أغنى عنه ماله وكسبه، أخبر عن حاله في المستقبل بأنه: * (سيصلى نارا) *.
المسألة الثانية: * (سيصلى) * قرىء بفتح الياء وبضمها مخففا ومشددا.
المسألة الثالثة: هذه الآيات تضمنت الإخبار عن الغيب من ثلاثة أوجه أحدها: الإخبار عنه بالتباب والخسار، وقد كان كذلك وثانيها: الإخبار عنه بعدم الانتفاع بماله وولده، وقد كان كذلك. روى أبو رافع مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: كنت غلاما للعباس بن عبد المطلب وكان الإسلام دخل بيتنا، فأسلم العباس وأسلمت أم الفضل وأسلمت أنا، وكان العباس يهاب القوم ويكتم إسلامه، وكان أبو لهب يخلف عن بدر، فبعث مكانه العاص بن هشام، ولم يتخلف رجل منهم إلا بعث مكانه رجلا آخر، فلما جاء الخبر عن واقعة أهل بدر وجدنا في أنفسنا قوة، وكنت رجلا ضعيفا وكنت أعمل القداح ألحيها في حجرة زمزم، فكنت جالسا هناك وعندي أم الفضل جالسة، وقد سرنا ما جاءنا من الخبر إذا أقبل أبو لهب يجر رجليه، فجلس على طنب الحجرة وكان ظهري إلى ظهره، فبينا هو جالس إذ قال الناس: هذا أبو سفيان بن الحرث بن عبد المطلب، فقال له أبو لهب: كيف الخبر يا ابن أخي؟ فقال: لقينا القوم ومنحناهم أكتافنا يقتلوننا كيف أرادوا، وأيم الله مع ذلك تأملت الناس، لقينا رجال بيض على خيل بلق بين السماء والأرض، قال أبو رافع: فرفعت طنب الحجرة، ثم قلت: أولئك والله الملائكة، فأخذني وضربني على الأرض، ثم برك علي فضربني وكنت رجلا ضعيفا، فقامت أم الفضل إلى عمود فضربته على رأسه وشجته، وقالت: تستضعفه أن غاب سيده، والله نحن مؤمنون منذ أيام كثيرة، وقد صدق فيما قال: فانصرف ذليلا، فوالله ما عاش إلا سبع ليال حتى رماه الله بالعدسة فقتلته،