من الله واجب الوقوع، وخصوصا عند بشارة الرسول صلى الله عليه وسلم بأن ينتقم له من عدوه، ولعل فائدة السين هو المراد من قوله عليه السلام: " لأنصرنك ولو بعد حين ".
* (كلا لا تطعه واسجد واقترب) *.
ثم قال: * (كلا) * وهو ردع لأبي جهل، وقيل: معناه لن يصل إلى ما يتصلف به من أنه يدعو ناديه ولئن دعاهم لن ينفعوه ولن ينصروه، وهو أذل وأحقر من أن يقاومك، ويحتمل: لن ينال ما يتمنى من طاعتك له حين نهاك عن الصلاة، وقيل معناه: ألا لا تطعه.
ثم قال: * (لا تطعه) * وهو كقوله: * (فلا تطع المكذبين) *، * (واسجد) * وعند أكثر أهل التأويل أراد به صل وتوفر على عبادة الله تعالى فعلا وإبلاغا، وليقل فكرك في هذا العدو فإن الله مقويك وناصرك، وقال بعضهم: بل المراد الخضوع، وقال آخرون: بل المراد نفس السجود في الصلاة.
ثم قال: * (واقترب) * والمراد وابتغ بسجودك قرب المنزلة من ربك، وفي الحديث: " أقرب ما يكون العبد من ربه إذا سجد " وقال بعضهم المراد: اسجد يا محمد، واقترب يا أبا جهل منه حتى تبصر ما ينالك من أخذ الزبانية إياك، فكأنه تعالى أمره بالسجود ليزداد غيظ الكافر، كقوله: * (ليغيظ بهم الكفار) * والسبب الموجب لازدياد الغيظ هو أن الكفار كان يمنعه من القيام، فيكون غيظه وغضبه عند مشاهدة السجود أتم، ثم قال عند ذلك: * (واقترب) * منه يا أبا جهل وضع قدمك عليه، فإن الرجل ساجد مشغول بنفسه، وهذا تهكم به واستحقار لشأنه، والله سبحانه وتعالى أعلم وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.