كان وقوع اليسر بعد العسر بزمان قليل، كان مقطوعا به فجعل كالمقارن له.
* (فإذا فرغت فانصب) *.
ثم قال تعالى: * (فإذا فرغت فانصب) * وجه تعلق هذا بما قبله أنه تعالى لما عدد عليه نعمه السالفة، ووعدهم بالنعم الآتية، لا جرم بعثه على الشكر والاجتهاد في العبادة، فقال: * (فإذا فرغت فانصب) * أي فاتعب يقال: نصب ينصب، قال قتادة والضحاك ومقاتل: إذا فرغت من الصلاة المكتوبة * (فانصب إلى ربك) * في الدعاء وارغب إليه في المسألة يعطك، وقال الشعبي: إذا فرغت من التشهد فادع لدنياك وآخرتك، وقال مجاهد: إذا فرغت من أمر دنياك فانصب وصل، وقال عبد الله: إذا فرغت من الفرائض فانصب في قيام الليل، وقال الحسن: إذا فرغت من الغزو فاجتهد في العبادة، وقال علي بن أبي طلحة: إذا كنت صحيحا فانصب، يعني اجعل فراغك نصبا في العبادة يدل عليه ما روى أن شريحا مر برجلين يتصارعان، فقال: الفارغ ما أمر بهذا إنما قال الله: * (فإذا فرغت فانصب) * وبالجملة فالمعنى أن يواصل بين بعض العبادات وبعض، وأن لا يخلي وقتا من أوقاته منها، فإذا فرغ من عبادة أتبعها بأخرى.
* (وإلى ربك فارغب) *.
وأما قوله تعالى: * (وإلى ربك فارغب) * ففيه وجهان أحدهما: اجعل رغبتك إليه خصوصا ولا تسأل إلا فضله متوكلا عليه وثانيها: ارغب في سائر ما تلتمسه دينا ودنيا ونصرة على الأعداء إلى ربك، وقرئ فرغب أي رغب الناس إلى طلب ما عنده، والله سبحانه وتعالى أعلم وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.