السابعة إلى سماء الدنيا، فأنزل الله تعالى القرآن في عشرين شهرا في عشرين سنة، فلما كان هذا الشهر هو الشهر الذي حصلت فيه هذه الخيرات العظيمة، لا جرم كان في غاية الشرف والقدر والرتبة فكانت الليلة الأولى منه ليلة القدر، وأما الحسن البصري فإنه قال: هي ليلة سبعة عشر، لأنها ليلة كانت صبيحتها وقعة بدر، وأما التاسعة عشرة فقد روى أنس فيها خبرا، وأما ليلة السابع والعشرين فقد مال الشافعي إليه لحديث الماء والطين، والذي عليه المعظم أنها ليلة السابع والعشرين، وذكروا فيه أمارات ضعيفة أحدها: حديث ابن عباس أن السورة ثلاثون كلمة، وقوله: * (هي) * هي السابعة والعشرون منها وثانيها: روى أن عمر سأل الصحابة ثم قال لابن عباس: غص يا غواص فقال زيد بن ثابت: أحضرت أولاد المهاجرين وما أحضرت أولادنا. فقال عمر: لعلك تقول: إن هذا غلام، ولكن عنده ما ليس عندكم. فقال ابن عباس: أحب الأعداد إلى الله تعالى الوتر أحب الوتر إليه السبعة، فذكر السماوات السبع والأرضين السبع والأسبوع ودركات النار وعدد الطواف والأعضاء السبعة، فدل على أنها السابعة والعشرون وثالثها: نقل أيضا عن ابن عباس، أنه قال: * (ليلة القدر) * تسعة أحرف، وهو مذكور ثلاث مرات فتكون السابعة والعشرين ورابعها: أنه كان لعثمان بن أبي العاص غلام، فقال: يا مولاي إن البحر يعذب ماؤه ليلة من الشهر، قال: إذا كانت تلك الليلة، فأعلمني فإذا هي السابعة والعشرون من رمضان. وأما من قال: إنها الليلة الأخيرة قال: لأنها هي الليلة التي تتم فيها طاعات هذا الشهر، بل أول رمضان كآدم وآخره كمحمد، ولذلك روى في الحديث، يعتق في آخر رمضان بعدد ما أعتق من أول الشهر، بل الليلة الأولى كمن ولد له ذكر، فهي ليلة شكر، والأخيرة ليلة الفراق، كمن مات له ولد، فهي ليلة صبر، وقد علمت فرق ما بين الصبر والشكر.
* (ومآ أدراك ما ليلة القدر) *.
ثم قال تعالى: * (وما أدراك ما ليلة القدر) * يعني ولم تبلغ درايتك غاية فضلها ومنتهى علو قدرها، ثم إنه تعالى بين فضيلتها من ثلاثة أوجه:
* (ليلة القدر خير من ألف شهر) *.
الأول: قوله تعالى: * (ليلة القدر خير من ألف شهر) * وفيه مسائل:
المسألة الأولى: في تفسير الآية وجوه أحدها: أن العبادة فيها * (خير من ألف شهر) * ليس فيها هذه الليلة، لأنه كالمستحيل أن يقال إنها: * (خير من ألف شهر) * فيها هذه الليلة، وإنما كان كذلك لما يزيد الله فيها من المنافع والأرزاق وأنواع الخير وثانيها: قال مجاهد: كان في بني إسرائيل رجل يقوم الليل حتى يصبح ثم يجاهد حتى يمسي فعل ذلك ألف شهر، فتعجب رسول الله صلى الله عليه وسلم والمسلمون من ذلك، فأنزل الله هذه الآية، أي ليلة القدر لأمتك خير من ألف شهر لذلك الإسرائيلي الذي حمل السلاح ألف شهر وثالثها: قال مالك بن أنس: أرى