سورة قريش وهي أربع آيات مكية بسم الله الرحمن الرحيم * (لإيلاف قريش) *.
* (لإيلاف قريش إيلافهم اعلم أن ههنا مسائل:
المسألة الأولى: اللام في قوله: * (لإيلاف) * تحتمل وجوها ثلاثة، فإنها إما أن تكون متعلقة بالسورة التي قبلها أو بالآية التي بعدها، أولا تكون متعلقة لا بما قبلها، ولا بما بعدها أما الوجه الأول: وهو أن تكون متعلقة بما قبلها، ففيه احتمالات:
الأول: وهو قول الزجاج وأبي عبيدة أن التقدير: * (فجعلهم كعصف مأكول) * لإلف قريش أي أهلك الله أصحاب الفيل لتبقى قريش، وما قد ألفوا من رحلة الشتاء والصيف، فإن قيل: هذا ضعيف لأنهم إنما جعلوا: * (كعصف مأكول) * لكفرهم ولم يجعلوا كذلك لتأليف قريش، قلنا هذا السؤال ضعيف لوجوه أحدها: أنا لا نسلم أن الله تعالى إنما فعل بهم ذلك لكفرهم، فإن الجزاء على الكفر مؤخر للقيامة، قال تعالى: * (اليوم تجزى كل نفس بما كسبت) * وقال: * (ولو يؤاخذ الله الناس بما كسبوا ما ترك على ظهرها من دابة) * ولأنه تعالى لو فعل بهم ذلك لكفرهم، لكان قد فعل ذلك بجميع الكفار، بل إنما فعل ذلك بهم: * (لإيلاف قريش) * ولتعظيم منصبهم وإظهار قدرهم وثانيها: هب أن زجرهم عن الكفر مقصود لكن لا ينافي كون شيء آخر مقصود حتى يكون الحكم واقعا بمجموع الأمرين معا وثالثها: هب أنهم أهلكوا لكفرهم فقط، إلا أن ذلك الإهلاك لما أدى إلى إيلاف قريش، جاز أن يقال: أهلكوا لإيلاف قريش، كقوله تعالى: * (ليكون لهم عدوا وحزنا) * وهم لم يلتقطوه لذلك، لكن لما آل الأمر إليه حسن أن يمهد عليه الالتقاط.
الاحتمال الثاني: أن يكون التقدير: * (ألم تر كيف فعل ربك بأصحاب الفيل، لإيلاف قريش) * كأنه تعالى قال: كل ما فعلنا بهم فقد فعلناه، لإيلاف قريش، فإنه تعالى جعل كيدهم في تضليل وأرسل عليهم طيرا أبابيل، حتى صاروا كعصف مأكول، فكل ذلك إنما كان لأجل إيلاف قريش.