سورة النصر وهي ثلاث آيات مدنية بسم الله الرحمن الرحيم * (إذا جآء نصر الله والفتح) *.
* (إذا جاء نصر الله) * في الآية لطائف:
إحداها: أنه تعالى لما وعد محمدا بالتربية العظيمة بقوله: * (ولسوف يعطيك ربك فترضى) * وقوله: * (إنا أعطيناك الكوثر) * لا جرم كان يزداد كل يوم أمره، كأنه تعالى قال: يا محمد لم يضيق قلبك، ألست حين لم تكن مبعوثا لم أضيعك بل نصرتك بالطير الأبابيل، وفي أول الرسالة زدت فجعلت الطير ملائكة ألن يكفيكم: * (أن يمدكم ربكم بخمسة آلاف) * ثم الآن أزيد فأقول إني أكون ناصرا لك بذاتي: * (إذا جاء نصر الله) * فقال: إلهي إنما تتم النعمة إذا فتحت لي دار مولدي ومسكني فقال: * (والفتح) * فقال: إلهي لكن القوم إذا خرجوا، فأي لذة في ذلك فقال: * (ورأيت الناس يدخلون في دين الله أفواجا) * ثم كأنه قال: هل تعلم يا محمد بأي سبب وجدت هذه التشريفات الثلاثة إنما وجدتها لأنك قلت في السورة المتقدمة: * (يا أيها الكافرون لا أعبد ما تعبدون) * وهذا يشتمل على أمور ثلاثة أولها: نصرتني بلسانك فكان جزاؤه: * (إذا جاء نصر الله) * وثانيها: فتحت مكة قلبك بعسكر التوحيد فأعطيناك فتح مكة وهو المراد من قوله، والفتح والثالث: أدخلت رعية جوارحك وأعضائك في طاعتي وعبوديتي فأنا أيضا أدخلت عبادي في طاعتك، وهو المراد من قوله: * (يدخلون في دين الله أفواجا) * ثم إنك بعد أن وجدت هذه الخلع الثلاثة فابعث إلى حضرتي بثلاث أنواع من العبودية تهادوا تحابوا، إن نصرتك فسبح، وإن فتحت مكة فاحمد وإن أسلموا، فاستغفر، وإنما وضع في مقابلة: * (نصر الله) * تسبيحه، لأن التسبيح هو تنزيه الله عن مشابهة المحدثات، يعني تشاهد أنه نصرك، فإياك أن تظن أنه إنما نصرك لأنك تستحق منه ذلك النحر، بل اعتقد كونه منزها عن أن يستحق عليه أحد من الخلق شيئا، ثم جعل في مقابل فتح مكة الحمد لأن النعمة لا يمكن أن تقابل إلا بالحمد، ثم جعل في مقابلة دخول الناس في الدين الاستغفار وهو المراد من قوله: * (واستغفر لذنبك، وللمؤمنين والمؤمنات) * أي كثرة الأتباع مما يشغل