الكذب والافتراء. وروي أن النبي صلى الله عليه وسلم قيل له: هل يكذب المؤمن؟ قال: " لا " ثم قرأ هذه الآية، والله أعلم.
قوله تعالى * (من كفر بالله من بعد إيمانه إلا من أكره وقلبه مطمئن بالإيمان ولكن من شرح بالكفر صدرا فعليهم غضب من الله ولهم عذاب عظيم * ذلك بأنهم استحبوا الحيوة الدنيا على الاخرة وأن الله لا يهدى القوم الكافرين * أولئك الذين طبع الله على قلوبهم وسمعهم وأبصارهم وأولئك هم الغافلون * لا جرم أنهم فى الاخرة هم الخاسرون) * اعلم أنه تعالى لما عظم تهديد الكافرين ذكر في هذه الآية تفصيلا في بيان من يكفر بلسانه لا بقلبه، ومن يكفر بلسان وقلبه معا، وفي الآية مسائل:
المسألة الأولى: قوله: * (من كفر بالله من بعد إيمانه) * مبتدأ خبره غير مذكور، فلهذا السبب اختلف المفسرون وذكروا فيه وجوها: الأول: أن يكون قوله: * (من كفر) * بدلا من قوله: * (الذين لا يؤمنون بآيات الله) * والتقدير: إنما يفتري من كفر بالله من بعد إيمانه، واستثنى منهم المكره فلم يدخل تحت حكم الافتراء، وعلى هذا التقدير: فقوله: * (وأولئك هم الكاذبون) * اعتراض وقع بين البدل والمبدل منه. الثاني: يجوز أيضا أن يكون بدلا من الخبر الذي هو الكاذبون والتقدير: وأولئك هم من كفر بالله من بعد إيمانه، والثالث: يجوز أن ينتصب على الذم، والتقدير: وأولئك هم الكاذبون، أعني من كفر بالله من بعد إيمانه وهو أحسن الوجوه عندي وأبعدها عن التعسف، والرابع: أن يكون قوله: * (من كفر بالله من بعد إيمانه) * شرطا مبتدأ ويحذف جوابه، لأن جواب الشرط المذكور بعده يدل على جوابه كأنه قيل: من كفر بالله من بعد إيمانه فعليهم غضب من الله