قال وهي من الأزجاء، والأزجاء عند العرب السوق والدفع. الثالث: ببضاعة مزجاة أي مؤخرة مدفوعة عن الإنفاق لا ينفق مثلها إلا من اضطر واحتاج إليها لفقد غيرها مما هو أجود منها. الرابع: قال الكلبي: مزجاة لغة العجم، وقيل هي من لغة القبط قال أبو بكر الأنباري: لا ينبغي أن يجعل لفظ عربي معروف الاشتقاق والتصريف منسوبا إلى القبط.
البحث الرابع: قرأ حمزة والكسائي مزجاة بالإمالة، لأن أصله الياء، والباقون بالنصب والتفخيم.
واعلم أن حاصل الكلام في كون البضاعة مزجاة إما لقلتها أو لنقصانها أو لمجموعها ولما وصفوا شدة حالهم ووصفوا بضاعتهم بأنها مزجاة قالوا له: * (فاوف لنا الكيل) * والمراد أن يساهلهم إما بإن يقيم الناقص مقام الزائد أو يقيم الردئ مقام الجيد، ثم قالوا: * (وتصدق علينا) * والمراد المسامحة بما بين الثمنين وأن يسعر لهم بالردئ كما يسع بالجيد، واختلف الناس في أنه هل كان ذلك طلبا منهم للصدقة فقال سفيان بن عيينة: إن الصدقة كانت حلالا للأنبياء قبل محمد صلى الله عليه وسلم بهذه الآية وعلى هذا التقدير، كأنهم طلبوا القدر الزائد على سبيل الصدقة، وأنكر الباقون ذلك وقالوا حال الأنبياء وحال أولاد الأنبياء ينافي طلب الصدقة لأنهم يأنفون من الخضوع للمخلوقين ويغلب عليهم الانقطاع إلى الله تعالى والاستغاثة به عمن سواه، وروي عن الحسن ومجاهد: أنهما كرها أن يقول الرجل في دعائه اللهم تصدق علي، قالوا: لأن الله لا يتصدق إنما يتصدق الذي يبتغي الثواب، وإنما يقول: اللهم أعطني أو تفضل، فعلى هذا التصدق هو إعطاء الصدقة والمتصدق المعطي، وأجاز الليث أن يقال للسائل: متصدق وأباه الأكثرون. وروي أنهم لما قالوا: * (مسنا وأهلنا الضر) * وتضرعوا إليه اغرورقت عيناه فعند ذلك * (قال هل علمتم ما فعلتم بيوسف وأخيه) * وقيل: دفعوا إليه كتاب يعقوب فيه من يعقوب إسرائيل الله ابن إسحاق ذبيح الله ابن إبراهيم خليل الله إلى عزيز مصر. أما بعد: فإنا أهل بيت موكل بنا البلاء أما جدي فشدت يداه ورجلاه ورمي في النار ليحرق فنجاه الله وجعلها بردا وسلاما عليه، وأما أبي فوضع السكين على قفاه ليقتل ففداه الله، وأما أنا فكان لي ابن وكان أحب أولادي إلي فذهب به إخوته إلى البرية ثم أتوني بقميصه ملطخا بالدم وقالوا قد أكله الذئب فذهبت عيناي من البكاء عليه، ثم كان لي ابن وكان أخاه من أمه وكنت أتسلى به فذهبوا به إليك ثم رجعوا وقالوا: إنه قد سرق وإنك حبسته عندك وإنا أهل بيت لا نسرق ولا نلد سارقا، فإن رددته علي وإلا دعوت عليك دعوة تدرك السابع من ولدك. فلما قرأ يوسف عليه السلام الكتاب لم يتمالك وعيل صبره وعرفهم أنه يوسف.