واعلم أنه تعالى لما ذكر أوصافهم ذكر بعد ذلك أحوالهم فقال: * (وأتبعوا في هذه الدنيا لعنة ويوم القيامة) * أي جعل اللعن رديفا لهم، ومتابعا ومصاحبا في الدنيا وفي الآخرة، ومعنى اللعنة الإبعاد من رحمة الله تعالى ومن كل خير.
ثم إنه تعالى بين السبب الأصلي في نزول هذه الأحوال المكروهة بهم فقال: * (ألا إن عادا كفروا ربهم) * قيل: أراد كفروا بربهم فحذف الباء، وقيل: الكفر هو الجحد فالتقدير: ألا إن عادا جحدوا ربهم. وقيل: هو من باب حذف المضاف أي كفروا نعمة ربهم.
ثم قال: * (ألا بعدا لعاد قوم هود) * وفيه سؤالان:
السؤال الأول: اللعن هو البعد، فلما قال: * (وأتبعوا في هذه الدنيا لعنة ويوم القيامة) * فما الفائدة في قوله: * (ألا بعدا لعاد) *.
والجواب: التكرير بعبارتين مختلفتين يدل على غاية التأكيد.
السؤال الثاني: ما الفائدة في قوله: * (لعاد قوم هود) *.
الجواب: كان عاد عادين، فالأولى: القديمة هم قوم هود، والثانية: هم إرم ذات العماد، فذكر ذلك لإزالة الاشتباه. والثاني: أن المبالغة في التنصيص تدل على مزيد التأكيد.
قوله تعالى * (وإلى ثمود أخاهم صالحا قال ياقوم اعبدوا الله ما لكم من إله غيره هو أنشأكم من الارض واستعمركم فيها فاستغفروه ثم توبوا إليه إن ربى قريب مجيب * قالوا يا صالح قد كنت فينا مرجوا قبل هذا أتنهانآ أن نعبد ما يعبد ءاباؤنا وإننا لفى شك مما تدعونآ إليه مريب) *.
اعلم أن هذا هو القصة الثالثة من القصص المذكورة في هذه السورة وهي قصة صالح مع ثمود، ونظمها مثل النظم المذكور في قصة هود، إلا أن ههنا لما أمرهم بالتوحيد ذكر في تقريره دليلين:
الدليل الأول: قوله: * (هو أنشأكم من الأرض) * وفيه وجهان: