الاعتقاد زال عنهم به منافع الدنيا والآخرة وجلب إليهم مضار الدنيا والآخرة، فكان ذلك من أعظم موجبات الخسران.
قوله تعالى * (وكذلك أخذ ربك إذا أخذ القرى وهى ظالمة إن أخذه أليم شديد * إن فى ذلك لآية لمن خاف عذاب الاخرة ذلك يوم مجموع له الناس وذلك يوم مشهود * وما نؤخره إلا لاجل معدود) *.
وفي الآية مسائل:
المسألة الأولى: قرأ عاصم والجحدري: * (إذ أخذ القرى) * بألف واحدة، وقرأ الباقون بألفين.
المسألة الثانية: اعلم أنه تعالى لما أخبر الرسول عليه السلام في كتابه بما فعل بأمم من تقدم من الأنبياء لما خالفوا الرسل وردوا عليهم من عذاب الاستئصال، وبين أنهم ظلموا أنفسهم فحل بهم العذاب في الدنيا قال بعده: * (وكذلك أخذ ربك إذا أخذ القرى وهي ظالمة) * فبين أن عذابه ليس بمقتصر على من تقدم، بل الحال في أخذ كل الظالمين يكون كذلك وقوله: * (وهي ظالمة) * الضمير فيه عائد إلى القرى وهو في الحقيقة عائد إلى أهلها، ونظيره قوله: * (وكم قصمنا من قرية كانت ظالمة) * (الأنبياء: 11) وقوله: * (وكم أهلكنا من قرية بطرت معيشتها) * (القصص: 58).
واعلم أنه تعالى لما بين كيفية أخذ الأمم المتقدمة ثم بين أنه إنما يأخذ جميع الظالمين على ذلك الوجه أتبعه بما يزيده تأكيدا وتقوية فقال: * (إن أخذه أليم شديد) * فوصف ذلك العذاب بالإيلام وبالشدة، ولا منغصة في الدنيا إلا الألم، ولا تشديد في الدنيا وفي الآخرة، وفي الوهم والعقل إلا تشديد الألم.
واعلم أن هذه الآية تدل على أن من أقدم على ظلم فإنه يجب عليه أن يتدارك ذلك بالتوبة والإنابة لئلا يقع في الأخذ الذي وصفه الله تعالى بأنه أليم شديد ولا ينبغي أن يظن أن هذه الأحكام