تعالى عبر عن هذه القصة بألفاظ عربية، ليتمكنوا من فهمها ويقدروا على تحصيل المعرفة بها. والتقدير: إنا أنزلنا هذا الكتاب الذي فيه قصة يوسف في حال كونه قرآنا عربيا، وسمى بعض القرآن قرآنا، لأن القرآن اسم جنس يقع على الكل والبعض.
المسألة الثانية: احتج الجبائي بهذه الآية على كون القرآن مخلوقا من ثلاثة أوجه: الأول: أن قوله: * (إنا أنزلناه) * يدل عليه، فإن القديم لا يجوز تنزيله وإنزاله وتحويله من حال إلى حال، الثاني: أنه تعالى وصفه بكونه عربيا والقديم لا يكون عربيا ولا فارسيا. الثالث: أنه لما قال: * (إنا أنزلناه قرآنا عربيا) * دل على أنه تعالى كان قادرا على أن ينزله لا عربيا، وذلك يدل على حدوثه. الرابع: أن قوله: * (تلك آيات الكتاب) * يدل على أنه مركب من الآيات والكلمات، وكل ما كان مركبا كان محدثا.
والجواب عن هذه الوجوه بأسرها أن نقول: إنها تدل على أن المركب من الحروف والكلمات والألفاظ والعبارات محدث وذلك لا نزاع فيه، إنما الذي ندعي قدمه شيء آخر فسقط هذا الاستدلال.
المسألة الثالثة: احتج الجبائي بقوله: * (لعلكم تعقلون) * فقال: كلمة " لعل " يجب حملها على الجزم والتقدير: إنا أنزلناه قرآنا عربيا لتعقلوا معانيه في أمر الدين، إذ لا يجوز أن يراد بلعلكم تعقلون؟ الشك لأنه على الله محال، فثبت أن المراد أنه أنزله لإرادة أن يعرفوا دلائله، وذلك يدل على أنه تعالى أراد من كل العباد أن يعقلوا توحيده وأمر دينه، من عرف منهم، ومن لم يعرف، بخلاف قول المجبرة.
والجواب: هب أن الأمر ما ذكرتم إلا أنه يدل على أنه تعالى أنزل هذه السورة، وأراد منهم معرفة كيفية هذه القصة ولكن لم قلتم إنها تدل على أنه تعالى أراد من الكل الإيمان والعمل الصالح.
قوله تعالى * (نحن نقص عليك أحسن القصص بمآ أوحينآ إليك هذا القرءان وإن كنت من قبله لمن الغافلين) *.
وفيه مسائل:
المسألة الأولى: روى سعيد بن جبير أنه تعالى لما أنزل القرآن على رسول الله صلى الله عليه