يكون من قولهم: أغاثه الله إذا أنقذه من كرب أو غم، ومعناه ينقذ الناس فيه من كرب الجدب، وقوله: * (وفيه يعصرون) * أي يعصرون السمسم دهنا والعنب خمرا والزيتون زيتا، وهذا يدل على ذهاب الجدب وحصول الخصب والخير، وقيل: يحلبون الضروع، وقرئ * (يعصرون) * من عصره إذا نجاه، وقيل: معناه يمطرون من أعصرت السحابة إذا عصرت بالمطر، ومنه قوله: * (وأنزلنا من المعصرات ماء ثجاجا) * (النبأ: 14).
قوله تعالى * (وقال الملك ائتونى به فلما جآءه الرسول قال ارجع إلى ربك فاسأله ما بال النسوة الاتى قطعن أيديهن إن ربى بكيدهن عليم * قال ما خطبكن إذ راودتن يوسف عن نفسه قلن حاش لله ما علمنا عليه من سوء قالت امرأت العزيز الان حصحص الحق أنا راودته عن نفسه وإنه لمن الصادقين * ذلك ليعلم أنى لم أخنه بالغيب وأن الله لا يهدى كيد الخائنين) *.
اعلم أنه لما رجع الشرابي إلى الملك وعرض عليه التعبير الذي ذكره يوسف عليه السلام استحسنه الملك فقال: ائتوني به، وهذا يدل على فضيلة العلم، فإنه سبحانه جعل علمه سببا لخلاصه من المحنة الدنيوية، فكيف لا يكون العلم سببا للخلاص من المحن الأخروية، فعاد الشرابي إلى يوسف عليه السلام قال أجب الملك، فأبى يوسف عليه السلام أن يخرج من السجن إلا بعد أن ينكشف أمره وتزول التهمة بالكلية عنه. وعن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " عجبت من يوسف وكرمه وصبره والله يغفر له حين سئل عن البقرات العجاف والسمان ولو كنت مكانه لما أخبرتهم حتى اشترطت أن يخرجوا لي ولقد عجبت منه حين أتاه الرسول فقال: * (ارجع إلى ربك) * ولو كنت مكانه ولبثت في السجن ما لبثت لأسرعت الإجابة وبادرتهم إلى الباب؛ ولما ابتغيت العذر أنه كان حليما ذا أناة ".