وجد في رحله السرقة، ويكون قوله: * (فهو جزاؤه) * زيادة في البيان كما تقول جزاء السارق القطع فهو جزاؤه. الثاني: أن يقال: * (جزاؤه) * مبتدأ وقوله: * (من وجد في رحله فهو جزاؤه) * جملة وهي في موضع خبر المبتدأ. والتقدير: كأنه قيل جزاؤه من وجد في رحله فهو هو، إلا أنه أقام المضمر للتأكيد والمبالغة في البيان وأنشد النحويون:
لا أرى الموت يسبق الموت شيء * نغص الموت الغني والفقيرا وأما قوله: * (كذلك نجزي الظالمين) * أي مثل هذا الجزاء جزاء الظالمين يريد إذا سرق استرق ثم قيل: هذا من بقية كلام أخوة يوسف. وقيل: إنهم لما قالوا جزاؤه من وجد في رحله فهو جزاؤه، فقال أصحاب يوسف: * (كذلك نجزي الظالمين) *.
قوله تعالى * (فبدأ بأوعيتهم قبل وعآء أخيه ثم استخرجها من وعآء أخيه كذلك كدنا ليوسف ما كان ليأخذ أخاه فى دين الملك إلا أن يشآء الله نرفع درجات من نشآء وفوق كل ذى علم عليم) *.
اعلم أن إخوة يوسف لما أقروا بأن من وجد المسروق في رحله فجزاؤه أن يسترق قال لهم المؤذن: إنه لا بد من تفتيش أمتعتكم، فانصرف بهم إلى يوسف * (فبدأ بأوعيتهم قبل وعاء أخيه) * لإزالة التهمة والأوعية جمع الوعاء وهو كل ما إذا وضع فيه شيء أحاط به استخرجها من وعاء أخيه، وقرأ الحسن * (وعاء أخيه) * بضم الواو وهي لغة، وقرأ سعيد بن جبير * (أعاء أخيه) * فقلب الواو همزة.
فإن قيل: لم ذكر ضمير الصواع مرات ثم أنثه؟
قلنا: قالوا رجع ضمير المؤنث إلى السقاية وضمير المذكر إلى الصواع أو يقال: الصواع يؤنث ويذكر، فكان كل واحد منهما جائزا أو يقال: لعل يوسف كان يسميه سقاية وعبيده صواعا فقد وقع فيما يتصل به من الكلام سقاية وفيما يتصل بهم صواعا، عن قتادة أنه قال: كان لا ينظر في وعاء إلا استغفر الله تائبا مما قذفهم به، حتى إنه لما لم يبق إلا أخوه قال ما أرى هذا قد أخذ شيئا،