من الإتيان به لعلة من العلل إلا لعلة واحدة.
البحث الثاني: قال الواحدي للمفسرين فيه قولان:
القول الأول: أن قوله: * (إلا أن يحاط بكم) * معناه الهلاك قال مجاهد: إلا أن تموتوا كلكم فيكون ذلك عذرا عندي، والعرب تقول أحيط بفلان إذا قرب هلاكه قال تعالى: * (وأحيط بثمره) * (الكهف: 42) أي أصابه ما أهلكه. وقال تعالى: * (وظنوا أنهم أحيط بهم) * (يونس: 22) وأصله أن من أحاط به العدو وانسدت عليه مسالك النجاة دنا هلاكه، فقيل: لكل من هلك قد أحيط به.
والقول الثاني: ما ذكره قتادة * (إلا أن يحاط بكم) * إلا أن تصيروا مغلوبين مقهورين، فلا تقدرون على الرجوع.
ثم قال تعالى: * (فلما آتوه موثقهم قال الله على ما نقول وكيل) * يريد شهيد، لأن الشهيد وكيل بمعنى أنه موكول إليه هذا العهد فإن وفيتم به جازاكم بأحسن الجزاء، وإن غدرتم فيه كافأكم بأعظم العقوبات.
قوله تعالى * (وقال يا بنى لا تدخلوا من باب واحد وادخلوا من أبواب متفرقة ومآ أغنى عنكم من الله من شىء إن الحكم إلا لله عليه توكلت وعليه فليتوكل المتوكلون) *.
اعلم أن أبناء يعقوب لما عزموا على الخروج إلى مصر. وكانوا موصوفين بالكمال والجمال وأبناء رجل واحد قال لهم: * (لا تدخلوا من باب واحد وادخلوا من أبواب متفرقة) * وفيه قولان: الأول: وهو قول جمهور المفسرين أنه خاف من العين عليهم ولنا ههنا مقامان. المقام الأول: إثبات أن العين حق والذي يدل عليه وجوه: الأول: إطباق المتقدمين من المفسرين على أن المراد من هذه الآية ذلك. والثاني: ما روي أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يعوذ الحسن والحسين فيقول: " أعيذ كما بكلمات الله التامة من كل شيطان وهامة ومن كل عين لامة " ويقول هكذا كان يعوذ إبراهيم إسماعيل وإسحق صلوات الله عليهم. والثالث: ما روى عبادة بن الصامت قال: دخلت على رسول الله صلى الله عليه وسلم في أول النهار فرأيته شديد الوجع ثم