عن الكسائي: زعمت به تزعم زعما وزعامة. أي كفلت به، وهذه الآية تدل على أن الكفالة كانت صحيحة في شرعهم، وقد حكم بها رسول الله صلى الله عليه وسلم في قوله: " الزعيم غارم ".
فإن قيل: هذه كفالة بشيء مجهول؟
قلنا: حمل بعير من الطعام كان معلوما عندهم، فصحت الكفالة به إلا أن هذه الكفالة مال لرد سرقة، وهو كفالة بما لم يجب لأنه لا يحل للسارق أن يأخذ شيئا على رد السرقة، ولعل مثل هذه الكفالة كانت تصح عندهم.
قوله تعالى * (قالوا تالله لقد علمتم ما جئنا لنفسد فى الارض وما كنا سارقين * قالوا فما جزآؤه إن كنتم كاذبين * قالوا جزؤه من وجد فى رحله فهو جزاؤه كذلك نجزى الظالمين) *.
قال البصريون: الواو في * (والله) * بدل من التاء والتاء بدل من الواو فضعفت عن التصرف في سائر الأسماء وجعلت فيما هو أحق بالقسم وهو اسم الله عز وجل. قال المفسرون: حلفوا على أمرين: أحدهما: على أنهم ما جاؤوا لأجل الفساد في الأرض لأنه ظهر من أحواله امتناعهم من التصرف في أموال الناس بالكلية لا بالأكل ولا بإرسال الدواب في مزارع الناس، حتى روي أنهم كانوا قد سدوا أفواه دوابهم لئلا تعبث في زرع، وكانوا مواظبين على أنواع الطاعات، ومن كانت هذه صفته فالفساد في الأرض لا يليق به. والثاني: أنهم ما كانوا سارقين، وقد حصل لهم فيه شاهدا قاطع، وهو أنهم لما وجدوا بضاعتهم في رحالهم حملوها من بلادهم إلى مصر ولم يستحلوا أخذها، والسارق لا يفعل ذلك البتة ثم لما بينوا براءتهم عن تلك التهمة قال أصحاب يوسف عليه السلام: * (فما جزاؤه إن كنتم كاذبين) * فأجابوا و * (قالوا جزاؤه من وجد في رحله فهو جزاؤه) * قال ابن عباس كانوا في ذلك الزمان يستعبدون كل سارق بسرقته وكان استعباد السارق في شرعهم يجري مجرى وجوب القطع في شرعنا، والمعنى جزاء هذا الجرم من وجد المسروق في رحله، أي ذلك الشخص هو جزاء ذلك الجرم، والمعنى: أن استعباده هو جزاء ذلك الجرم، قال الزجاج: وفيه وجهان: أحدهما: أن يقال جزاؤه مبتدأ ومن وجد في رحله خبره. والمعنى: جزاء السرقة هو الإنسان الذي