النفور عنه، وقرأ العامة بفتح التاء والكاف والماضي من هذا ركن كعلم وفيه لغة أخرى ركن يركن قال الأزهري: وليست بفصيحة. قال المحققون: الركون المنهي عنه هو الرضا بما عليه الظلمة من الظلم وتحسين تلك الطريقة وتزيينها عندهم وعند غيرهم ومشاركتهم في شيء من تلك الأبواب فأما مداخلتهم لدفع ضرر أو اجتلاب منفعة عاجلة فغير داخل في الركون، ومعنى قوله: * (فتمسكم النار) * أي أنكم إن ركنتم إليهم فهذه عاقبة الركون، ثم قال: * (وما لكم من دون الله من أولياء) * أي ليس لكم أولياء يخلصونكم من عذاب الله.
ثم قال: * (ثم لا تنصرون) * والمراد لا تجدون من ينصركم من تلك الواقعة.
واعلم أن الله تعالى حكم بأن من ركن إلى الظلمة لا بد وأن تمسه النار وإذا كان كذلك فكيف يكون حال الظالم في نفسه.
قوله تعالى * (وأقم الصلوة طرفى النهار وزلفا من اليل إن الحسنات يذهبن السيئات ذلك ذكرى للذاكرين * واصبر فإن الله لا يضيع أجر المحسنين) *.
اعلم أنه تعالى لما أمره بالاستقامة أردفه بالأمر بالصلاة وذلك يدل على أن أعظم العبادات بعد الإيمان بالله هو الصلاة وفي الآية مسائل:
المسألة الأولى: رأيت في بعض " كتب القاضي أبي بكر الباقلاني " أن الخوارج تمسكوا بهذه الآية في إثبات أن الواجب ليس إلا الفجر والعشاء من وجهين.
الوجه الأول: أنهما واقعان على طرفي النهار والله تعالى أوجب إقامة الصلاة طرفي النهار، فوجب أن يكون هذا القدر كافيا.
فإن قيل: قوله: * (وزلفا من الليل) * يوجب صلوات أخرى.
قلنا: لا نسلم فإن طرفي النهار موصوفان بكونهما زلفا من الليل فإن ما لا يكون نهارا يكون ليلا غاية ما في الباب أن هذا يقتضي عطف الصفة على الموصوف إلا أن ذلك كثير في القرآن والشعر.
الوجه الثاني: أنه تعالى قال: * (إن الحسنات يذهبن السيئات) * وهذا يشعر بأن من صلى طرفي النهار كان إقامتهما كفارة لكل ذنب سواهما فبتقدير أن يقال إن سائر الصلوات واجبة إلا