إياي رعاية لأمر الله تعالى أولى من حفظكم إياي رعاية لحق رهطي.
وأما قوله: * (واتخذتموه وراءكم ظهريا) * فالمعنى: أنكم نسيتموه وجعلتموه كالشئ المنبوذ وراء الظهر لا يعبأ به. قال صاحب " الكشاف ": والظهري منسوب إلى الظهر، والكسر من تغيرات النسب ونظيره قولهم في النسبة إلى الأمس إمسي بكسر الهمزة، وقوله: * (إن ربي بما تعملون محيط) * يعني أنه عالم بأحوالكم فلا يخفى عليه شيء منها.
والنوع الثاني: قوله: * (ويا قوم اعملوا على مكانتكم إني عامل) * والمكانة الحالة يتمكن بها صاحبها من عمله، والمعنى اعملوا حال كونكم موصوفين بغاية المكنة والقدرة وكل ما في وسعكم وطاقتكم من إيصال الشرور إلي فإني أيضا عامل بقدر ما آتاني الله تعالى من القدرة.
ثم قال: * (سوف تعلمون من يأتيه عذاب يخزيه ومن هو كاذب) * وفيه مسألتان:
المسألة الأولى: لقائل أن يقول لم لم يقل * (فسوف تعلمون) * والجواب: إدخال الفاء وصل ظاهر بحرف موضوع للوصل، وإما بحذف الفاء فإنه يجعله جوابا عن سؤال مقدر والتقدير: أنه لما قال: * (ويا قوم اعملوا على مكانتكم إني عامل) * فكأنهم قالوا فماذا يكون بعد ذلك؟ فقال: * (سوف تعلمون) * فظهر أن حذف حرف الفاء ههنا أكمل في باب الفظاعة والتهويل. ثم قال * (وارتقبوا إني معكم رقيب) * والمعنى: فانتظروا العاقبة إني معكم رقيب أي منتظر، والرقيب بمعنى الراقب من رقبه كالضريب والصريم بمعنى الضارب والصارم، أو بمعنى المراقب كالعشير والنديم، أو بمعنى المرتقب كالفقير والرفيع بمعنى المفتقر والمرتفع.
قوله تعالى * (ولما جآء أمرنا نجينا شعيبا والذين ءامنوا معه برحمة منا وأخذت الذين ظلموا الصيحة فأصبحوا فى ديارهم جاثمين * كأن لم يغنوا فيهآ ألا بعدا لمدين كما بعدت ثمود) *.
روى الكلبي عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: لم يعذب الله تعالى أمتين بعذاب واحد إلا قوم شعيب وقوم صالح فأما قوم صالح فأخذتهم الصيحة من تحتهم، وقوم شعيب أخذتهم من فوقهم