الحاصلة فيها فهذه مجامع الدلائل. ومن هذا الباب أيضا قصص الأولين وحكايات الأقدمين وأن الملوك الذين استولوا على الأرض وخربوا البلاد وقهروا العباد ماتوا ولم يبق منهم في الدنيا خبر ولا أثر، ثم بقي الوزر والعقاب عليهم هذا ضبط أنواع هذه الدلائل والكتاب المحتوي على شرح هذه الدلائل هو شرح جملة العالم الأعلى والعالم الأسفل والعقل البشري لا يفي بالإحاطة به فلهذا السبب ذكره الله تعالى على سبيل الإبهام قال صاحب " الكشاف " قرىء * (والأرض) * بالرفع على أنه مبتدأ و * (يمرون) * عليها خبره وقرأ السدي * (والأرض) * بالنصب على تقدير أن يفسر قوله: * (يمرون عليها) * بقولنا يطوفونها، وفي مصحف عبد الله * (والأرض يمشون عليها) * برفع الأرض. أما قوله: * (وما يؤمن أكثرهم بالله إلا وهم مشركون) * فالمعنى: أنهم كانوا مقرين بوجود الإله بدليل قوله: * (ولئن سألتهم من خلق السماوات والأرض ليقولن الله) * (لقمان: 25) إلا أنهم كانوا يثبتون له شريكا في المعبودية، وعن ابن عباس رضي الله عنهما هم الذين يشبهون الله بخلقه وعنه أيضا أنه قال: نزلت هذه الآية في تلبية مشركي العرب لأنهم كانوا يقولون: لبيك لا شريك لك إلا شريك هو لك تملكه وما ملك، وعنه أيضا أن أهل مكة قالوا: الله ربنا وحده لا شريك له الملائكة بناته فلم يوحدوا، بل أشركوا، وقال عبدة الأصنام: ربنا الله وحده والأصنام شفعاؤنا عنده، وقالت اليهود: ربنا الله وحده وعزيز ابن الله، وقالت النصارى: ربنا الله وحده لا شريك له والمسيح ابن الله، وقال عبدة الشمس والقمر: ربنا الله وحده وهؤلاء أربابنا، وقال المهاجرون والأنصار ربنا الله وحده ولا شريك معه، واحتجت الكرامية بهذه الآية على أن الإيمان عبارة عن الإقرار باللسان فقط، لأنه تعالى حكم بكونهم مؤمنين مع أنهم مشركون، وذلك يدل على أن الإيمان عبارة عن مجرد الإقرار باللسان، وجوابه معلوم، أما قوله: * (أفأمنوا أن تأتيهم غاشية من عذاب الله) * أي عقوبة تغشاهم وتنبسط عليهم وتغمرهم * (أو تأتيهم الساعة بغتة) * أي فجأة. وبغتة نصب على الحال يقال: بغتهم الأمر بغتا وبغتة إذا فاجأهم من حيث لم يتوقعوا وقوله: * (وهم لا يشعرون) * كالتأكيد لقوله: * (بغتة) *.
قوله تعالى * (قل هذه سبيلى أدعو إلى الله على بصيرة أنا ومن اتبعنى وسبحان الله ومآ أنا من المشركين) *.