* (وقال للذى ظن أنه ناج منهما اذكرنى عند ربك فأنساه الشيطان ذكر ربه فلبث فى السجن بضع سنين) *.
عليه بئسما رأيت السلال الثلاث ثلاثة أيام يوجه إليك الملك عند انقضائهن فيصلبك وتأكل الطير من رأسك، ثم نقل في التفسير أنهما قالا ما رأينا شيئا فقال (قضى الامر الذي فيه تستفتيان) واختلف فيما لأجله قالا ما رأينا شيئا فقيل أنهما وضعا هذا الكلام ليختبرا علمه بالتعبير مع أنهما ما رأيا شيئا وقيل: إنهما لما كرها ذلك الجواب قالا ما رأينا شيئا.
فان قيل: هذا الجواب الذي ذكره يوسف عليه السلام ذكره بناء على الوحي من قبل الله تعالى أو بناء على علم التعبير، والأول باطل لان ابن عباس رضى الله تعالى عنهما نقل أنه إنما ذكر على سبيل التعبير، وأيضا قال تعالى (وقال للذي ظن أنه ناج منهما) ولو كان ذلك التعبير مبنيا على الوحي لكان الحاصل منه القطع واليقين لا الظن والتخمين، والثاني: أيضا باطل لان علم التعبير مبنى على الظن والحسبان.
الجواب: لا يبعد أن يقال: إنهما لما سألاه عن ذلك المنام صدقا فيه أو كذبا فان الله تعالى أوحى إليه أن عاقبة كل واحد منهما تكون على الوجه المخصوص، فلما نزل الوحي بذلك الغيب عند ذلك السؤال وقع في الظن أنه ذكره على سبيل التعبير، ولا يبعد أيضا أن يقال: إنه نبي ذلك الجواب على علم التعبير، وقوله (قضى الامر الذي فيه تستفتيان) ما عنى به ان الذي ذكره واقع لا محالة بل عنى به أنه حكمه في تعبير ما سألاه عنه ذلك الذي ذكره.
قوله عز وجل (وقال للذي ظن أنه ناج منهما اذكرني عند ربك فأنساه الشيطان ذكر به فلبث في السجن بضع سنين) فيه مسائل:
المسألة الأولى: اختلفوا في أن الموصوف بالظن هو يوسف عليه السلام أو الناجي فعلى الأول كان المعنى وقال الرجل الذي ظن يوسف عليه السلام كونه ناجيا، وعلى هذا القول وجهان: الأول: أن تحمل هذا الظن على العلم واليقين، وهذا إذا قلنا بأنه عليه السلام إنما ذكر ذلك التعبير بناء على الوحي. قال هذا القائل وورود لفظ الظن بمعنى اليقين كثير في القرآن. قال تعالى: * (الذين يظنون أنهم ملاقو ربهم) * (البقرة: 46) وقال: * (إني ظننت أني ملاق حسابيه) * (الحاقة: 20) والثاني: أن تحمل هذا الظن على حقيقة