فقال قتادة: هو بئر ببيت المقدس، وقال وهب: هو بأرض الأردن، وقال مقاتل: هو على ثلاثة فراسخ من منزل يعقوب، وإنما عينوا ذلك الجب للعلة التي ذكروها وهي قولهم: * (يلتقطه بعض السيارة) * وذلك لأن تلك البئر كانت معروفة وكانوا يردون عليها كثيرا، وكان يعلم أنه إذا طرح فيها يكون إلى السلامة أقرب، لأن السيارة إذا جازوا وردوها، وإذا وردوها شاهدوا ذلك الإنسان فيها، وإذا شاهدوه أخرجوه وذهبوا به فكان إلقاؤه فيها أبعد عن الهلاك.
المسألة الرابعة: الالتقاط تناول الشيء من الطريق، ومنه: اللقطة واللقيط، وقرأ الحسن * (تلتقطه) * بالتاء على المعنى، لأن بعض السيارة أيضا سيارة، والسيارة الجماعة الذين يسيرون في الطريق للسفر. قال ابن عباس: يريد المارة وقوله: * (إن كنتم فاعلين) * فيه إشارة إلى أن الأولى أن لا تفعلوا شيئا من ذلك، وأما إن كان ولا بد فاقتصروا على هذا القدر ونظيره قوله تعالى: * (وإن عاقبتم فعاقبوا بمثل ما عوقبتم به) * (النحل: 126) يعني الأولى أن لا تفعلوا ذلك.
قوله تعالى * (قالوا يا أبانا ما لك لا تأمنا على يوسف وإنا له لناصحون * أرسله معنا غدا يرتع ويلعب وإنا له لحافظون) *.
اعلم أن هذا الكلام يدل على أن يعقوب عليه السلام كان يخافهم على يوسف ولولا ذلك وإلا لما قالوا هذا القول.
واعلم أنهم لما أحكموا العزم ذكروا هذا الكلام وأظهروا عند أبيهم أنهم في غاية المحبة ليوسف وفي غاية الشفقة عليه، وكانت عادتهم أن يغيبوا عنه مدة إلى الرعي فسألوه أن يرسله معهم وقد كان عليه السلام يحب تطييب قلب يوسف فاغتر بقولهم وأرسله معهم. وفي الآية مسائل:
المسألة الأولى: قال صاحب " الكشاف ": * (لا تأمنا) * قرىء بإظهار النونين وبالإدغام بإشمام وبغير إشمام، والمعنى لم تخافنا عليه ونحن نحبه ونريد الخير به.
المسألة الثانية: في * (يرتع ويلعب) * خمس قراآت:
القراءة الأولى: قرأ ابن كثير: بالنون، وبكسر عين نرتع من الارتعاء، ويلعب بالياء والارتعاء افتعال من رعيت، يقال: رعت الماشية الكلأ ترعاه رعيا إذا أكلته، وقوله: * (نرتع) *