وقوله: * (ولما جاء أمرنا) * يحتمل أن يكون المراد منه ولما جاء وقت أمرنا ملكا من الملائكة بتلك الصيحة، ويحتمل أن يكون المراد من الأمر العقاب، وعلى التقديرين فأخبر الله أنه نجى شعيبا ومن معه من المؤمنين برحمة منه وفيه وجهان: الأول: أنه تعالى إنما خلصه من ذلك العذاب لمحض رحمته، تنبيها على أن كل ما يصل إلى العبد فليس إلا بفضل الله ورحمته. والثاني: أن يكون المراد من الرحمة الإيمان والطاعة وسائر الأعمال الصالحة وهي أيضا ما حصلت إلا بتوفيق الله تعالى، ثم وصف كيفية ذلك العذاب فقال: * (وأخذت الذين ظلموا الصيحة) * وإنما ذكر الصيحة بالألف واللام إشارة إلى المعهود السابق وهي صيحة جبريل عليه السلام * (فأصبحوا في ديارهم جاثمين) * والجاثم الملازم لمكانه الذي لا يتحول عنه يعني أن جبريل عليه السلام لما صاح بهم تلك الصيحة زهق روح كل واحد منهم بحيث يقع في مكانه ميتا * (كأن لم يغنوا فيها) * أي كأن لم يقيموا في ديارهم أحياء متصرفين مترددين.
ثم قال تعالى: * (ألا بعدا لمدين كما بعدت ثمود) *.
* (ولقد أرسلنا موسى بآياتنا وسلطان مبين * إلى فرعون وملإيه فاتبعوا أمر فرعون ومآ أمر فرعون برشيد * يقدم قومه يوم القيامة فأوردهم النار وبئس الورد المورود * وأتبعوا فى هذه لعنة ويوم القيامة بئس الرفد المرفود) *.
واعلم أن هذه هي القصة السابعة من القصص التي ذكرها الله تعالى في هذه السورة وهي آخر القصص من هذه السورة، أما قوله: * (بآياتنا وسلطان مبين) * ففيه وجوه: الأول: أن المراد من الآيات التوراة مع ما فيها من الشرائع والأحكام، ومن السلطان المبين المعجزات القاهرة الباهرة