تذاءبت الريح إذا أتت من كل جهة، فلما ذكر يعقوب عليه السلام هذا الكلام أجابوا بقولهم: * (لئن أكله الذئب ونحن عصبة إنا إذا لخاسرون) * وفيه سؤالات:
السؤال الأول: ما فائدة اللام في قوله: * (لئن أكله الذئب) *.
والجواب من وجهين: الأول: أن كلمة إن تفيد كون الشرط مستلزما للجزاء، أي إن وقعت هذه الواقعة فنحن خاسرون، فهذه اللام دخلت لتأكيد هذا الاستلزام. الثاني: قال صاحب " الكشاف " هذه اللام تدل على إضمار القسم تقديره: والله لئن أكله الذئب لكنا خاسرين.
السؤال الثاني: ما فائدة الواو في قوله: * (ونحن عصبة) *.
الجواب: أنها واو الحال حلفوا لئن حصل ما خافه من خطف الذئب أخاهم من بينهم وحالهم أنهم عشرة رجال بمثلهم تعصب الأمور وتكفي الخطوب إنهم إذا لقوم خاسرون.
السؤال الثالث: ما المراد من قولهم: * (إنا إذا لخاسرون) *.
الجواب فيه وجوه: الأول: خاسرون أي هالكون ضعفا وعجزا، ونظيره قوله تعالى: * (لئن أطعتم بشرا مثلكم إنكم إذا لخاسرون) * (المؤمنون: 34) أي لعاجزون: الثاني: أنهم يكونون مستحقين لأن يدعى عليهم بالخسارة والدمار وأن يقال خسرهم الله تعالى ودمرهم حين أكل الذئب أخاهم وهم حاضرون. الثالث: المعنى أنا إن لم نقدر على حفظ أخينا فقد هلكت مواشينا وخسرناها. الرابع: أنهم كانوا قد أتعبوا أنفسهم في خدمة أبيهم واجتهدوا في القيام بمهماته وإنما تحملوا تلك المتاعب ليفوزوا منه بالدعاء والثناء فقالوا: لو قصرنا في هذه الخدمة فقد أحبطنا كل تلك الأعمال وخسرنا كل ما صدر منا من أنواع الخدمة.
السؤال الرابع: أن يعقوب عليه السلام اعتذر بعذرين فلم أجابوا عن أحدهما دون الآخر؟
والجواب: أن حقدهم وغيظهم كان بسبب العذر الأول، وهو شدة حبه له فلما سمعوا ذكر ذلك المعنى تغافلوا عنه.
قوله تعالى * (فلما ذهبوا به وأجمعوا أن يجعلوه فى غيابة الجب وأوحينآ إليه لتنبئنهم بأمرهم هذا وهم لا يشعرون) *.