يوجب العفو والصفح. ثم قالوا: * (فخذ أحدنا مكانه) * يحتمل أن يكون المراد على طريق الاستبعاد ويحتمل أن يكون المراد على طريق الرهن حتى نوصل الفداء إليك. ثم قالوا: * (إنا نراك من المحسنين) * وفيه وجوه: أحدها: إنا نراك من المحسنين لو فعلت ذلك. وثانيها: إنا نراك من المحسنين إلينا حيث أكرمتنا وأعطيتنا البذل الكثير وحصلت لنا مطلوبنا على أحسن الوجوه ووردت إلينا ثمن الطعام. وثالثها: نقل أنه عليه السلام لما اشتد القحط على القوم ولم يجدوا شيئا يشترون به الطعام، وكانوا يبيعون أنفسهم منه فصار ذلك سببا لصيرورة أكثر أهل مصر عبيدا له ثم إنه أعتق الكل، فلعلهم قالوا: * (إنا نراك من المحسنين) * إلى عامة الناس بالإعتاق فكن محسنا أيضا إلى هذا الإنسان بإعتاقه من هذه المحنة، فقال يوسف: * (معاذ الله) * أي أعود بالله معاذا أن نأخذ إلا من وجدنا متاعنا عنده، أي أعوذ بالله أن آخذ بريئا بمذنب قال الزجاج: موضع " أن " نصب والمعنى: أعوذ بالله من أخذ أحد بغيره فلما سقطت كلمة " من " انتصب الفعل عليه وقوله: * (إنا إذا لظالمون) * أي لقد تعديت وظلمت إن آذيت إنسانا بجرم صدر عن غيره.
فإن قيل: هذه الواقعة من أولها إلى آخرها تزوير وكذب، فكيف يجوز من يوسف عليه السلام مع رسالته الإقدام على هذا التزوير والترويج وإيذاء الناس من غير سبب لا سيما ويعلم أنه إذا حبس أخاه عند نفسه بهذه التهمة فإنه يعظم حزن أبيه ويشتد غمه، فكيف يليق بالرسول المعصوم المبالغة في التزوير إلى هذا الحد.
والجواب: لعله تعالى أمره بذلك تشديدا للمحنة على يعقوب ونهاه عن العفو والصفح وأخذ البدل كما أمر تعالى صاحب موسى بقتل من لو بقي لطغى وكفر.
قوله تعالى * (فلما استيأسوا منه خلصوا نجيا قال كبيرهم ألم تعلموا أن أباكم قد أخذ عليكم موثقا من الله ومن قبل ما فرطتم فى يوسف فلن أبرح الارض حتى يأذن لى أبى أو يحكم الله لى وهو خير الحاكمين) *.
في الآية مسائل: