المسألة السادسة: في قوله: * (حتى يسمع كلام الله) * وجوه: قيل: أراد سماع جميع القرآن، لأن تمام الدليل والبينات فيه، وقيل: أراد سماع سورة براءة، لأنها مشتملة على كيفية المعاملة مع المشركين، وقيل: أراد سماع كل الدلائل. وإنما خص القرآن بالذكر، لأنه الكتاب الجاري لمعظم الدلائل. وقوله: * (ثم أبلغه مأمنه) * معناه أوصله إلى ديار قومه التي يأمنون فيها على أنفسهم وأموالهم ثم بعد ذلك يجوز قتالهم وقتلهم.
المسألة السابعة: قال الفقهاء: والكافر الحربي إذا دخل دار الإسلام كان مغنوما مع ماله، إلا أن يدخل مستجيرا لغرض شرعي كاستماع كلام الله رجا الإسلام، أو دخل لتجارة. فإن دخل بأمان صبي أو مجنون فأمانهما شبهة أمان، فيجب تبليغه مأمنه. وهو أن يبلغ محروسا في نفسه وماله إلى مكانه الذي هو مأمن له، ومن دخل منهم دار الإسلام رسولا فالرسالة أمان، ومن دخل ليأخذ مالا في دار الإسلام ولماله أمان فأمان له والله أعلم.
* (كيف يكون للمشركين عهد عند الله وعند رسوله إلا الذين عاهدتم عند المسجد الحرام فما استقاموا لكم فاستقيموا لهم إن الله يحب المتقين) *.
قوله: * (كيف) * استفهام بمعنى الإنكار كما تقول: كيف يسبقني مثلك، أي لا ينبغي أن يسبقني وفي الآية محذوف وتقديره: كيف يكون للمشركين عهد مع إضمار الغدر فيما وقع من العهد إلا الذين عاهدتم عند المسجد الحرام، لأجل أنهم ما نكثوا وما نقضوا قيل: إنهم بنو كنانة وبنو ضمرة فتربصوا أمرهم ولا تقتلوهم فما استقاموا لكم على العهد فاستقيموا لهم على مثله * (إن الله يحب المتقين) * يعني من اتقى الله يوفي بعهده لمن عاهد والله أعلم.
* (كيف وإن يظهروا عليكم لا يرقبوا فيكم إلا ولا ذمة يرضونكم بأفوههم وتأبى