17272 - حدثنا ابن حميد، قال: ثنا سلمة، عن عبد العزيز بن أبي رواد، عن عبد الله بن عبيد بن عمير، قال: كان أصحاب الكهف فتيانا ملوكا مطوقين مسورين ذوي ذوائب، وكان معهم كلب صيدهم، فخرجوا في عيد لهم عظيم في زي وموكب، وأخرجوا معهم آلهتم التي يعبدون. وقذف الله في قلوب الفتية الايمان فآمنوا، وأخفى كل واحد منهم الايمان عن صاحبه، فقالوا في أنفسهم من غير أن إيمان بعضهم لبعض: نخرج من بين أظهر هؤلاء القوم لا يصيبنا عقاب بجرمهم. فخرج شاب منهم حتى انتهى إلى ظل شجرة، فجلس فيه، ثم خرج آخر فرآه جالسا وحده، فرجا أن يكون على مثل أمره من غير أن يظهر منه، فجاء حتى جلس إليه، ثم خرج الآخرون، فجاؤوا حتى جلسوا إليهما، فاجتمعوا، فقال بعضهم: ما جمعكم؟ وقال آخر: بل ما جمعكم؟ وكل يكتم إيمانه من صاحبه مخافة على نفسه، ثم قالوا: ليخرج منكم فتيان، فيخلوا، فيتواثقا أن لا يفشي واحد منهما على صاحبه، ثم يفشي كل واحد منهما لصاحبه أمره، فإنا نرجو أن تكون على أمر واحد. فخرج فتيان منهم فتواثقا، ثم تكلما، فذكر كل واحد منهما أمره لصاحبه، فأقبلا مستبشرين إلى أصحابهما قد اتفقا على أمر وا حد، فإذا هم جميعا على الايمان، وإذا كهف في الجبل قريب منهم، فقال بعضهم لبعض: ائتوا إلى الكهف (ينشر لكم ربكم من رحمته ويهيئ لكم من أمركم مرفقا) (1) فدخلوا الكهف ومعهم كلب صيدهم فناموا، فجعله الله عليهم رقدة واحدة، فناموا ثلاث مئة سنين وازدادوا تسعا. قال: وفقدهم قومهم فطلبوهم وبعثوا البرد (2)، فعمى الله عليهم آثارهم وكهفهم. فلما لم يقدروا عليهم كتبوا أسماءهم وأنسابهم في لوح: فلان ابن فلان، وفلان ابن فلان أبناء ملوكنا، فقدناهم في عيد كذا وكذا في شهر كذا وكذا في سنة كذا وكذا، في مملكة فلان ابن فلان، ورفعوا اللوح في الخزانة.
فمات ذلك الملك وغلب عليهم ملك مسلم مع المسلمين، وجاء قرن بعد قرن، فلبثوا في كهفهم ثلاث مئة سنين وازدادوا تسعا.
وقال آخرون: بل كان مصيرهم إلى الكهف هربا من طلب سلطان كان طلبهم بسبب دعوى جناية ادعى على صاحب لهم أنه جناها. ذكر من قال ذلك:
17273 - حدثنا الحسن بن يحيى، قال: أخبرنا عبد الرزاق، قال: أخبرنا معمر،