فحدثنا ابن حميد، قال: ثنا سلمة، عن ابن إسحاق، عن عبد الله بن أبي نجيح، عن مجاهد، قال: لقد حدثت أنه كان على بعضهم من حداثة أسنانه وضح الورق.
قال ابن عباس: فكانوا كذلك في عبادة الله ليلهم ونهارهم، يبكون إلى الله، ويستغيثونه، وكانوا ثمانية نفر مكسلمينا، وكان أكبرهم، وهو الذي كلم الملك عنهم، ومحسيميلنينا، ويمليخا، ومرطوس، وكشوطوش، وبيرونس، ودينموس، ويطونس قالوس فلما أجمع دقينوس أن يجمع أهل القرية لعبادة الأصنام، والذبح للطواغيت، بكوا إلى الله وتضرعوا إليه، وجعلوا يقولون: اللهم رب السماوات والأرض، لن ندعو من دونك إلها لقد قلنا إذا شططا اكشف عن عبادك المؤمنين هذه الفتنة وادفع عنهم البلاء وأنعم على عبادك الذين آمنوا بك، ومنعوا عبادتك إلا سرا، مستخفين بذلك، حتى يعبدوك علانية. فبينما هم على ذلك، عرفهم عرفاؤهم من الكفار، ممن كان يجمع أهل المدينة لعبادة الأصنام، والذبح للطواغيت، وذكروا أمرهم، وكانوا قد خلوا في مصلى لهم يعبدون الله فيه، ويتضرعون إليه، ويتوقعون أن يذكروا لدقينوس، فانطلق أولئك الكفرة حتى دخلوا عليهم مصلاهم، فوجدوهم سجودا على وجوههم يتضرعون، ويبكون، ويرغبون إلى الله أن ينجيهم من دقينوس وفتنته فلما رآهم أولئك الكفرة من عرفائهم قالوا لهم: ما خلفكم عن أمر الملك؟
انطلقوا إليه ثم خرجوا من عندهم، فرفعوا أمرهم إلى دقينوس، وقالوا: تجمع الناس للذبح لآلهتك، وهؤلاء فتية من أهل بيتك، يسخرون منك، ويستهزئون بك، ويعصون أمرك، ويتركون آلهتك، ويعمدون إلى مصلى لهم ولأصحاب عيسى ابن مريم يصلون فيه، ويتضرعون إلى إلههم وإله عيسى وأصحاب عيسى، فلم تتركهم يصنعون هذا وهم بين ظهراني سلطانك وملكك، وهم ثمانية نفر: رئيسهم مكسلمينا، وهم أبنا عظماء المدينة؟
فلما قالوا ذلك لدقينوس، بعث إليهم، فأتى بهم من المصلى الذي كانوا فيه تفيض أعينهم من الدموع معفرة وجوههم في التراب، فقال لهم: ما منعكم أن تشهدوا الذبح لآلهتنا التي تعبد في الأرض، وأن تجعلوا أنفسكم أسوة لسراة أهل مدينتكم، ولمن حضر منا من الناس؟ اختاروا مني: إما أن تذبحوا لآلهتنا كما ذبح الناس، وإما أن أقتلكم فقال مكسلمينا: إن لنا إلها نبعده ملا السماوات والأرض عظمته، لن ندعو من دونه إلها أبدا،