حدثني ابن عبد الرحيم البرقي، قال: ثنا ابن أبي مريم، قال: أخبرنا نافع بن يزيد، قال: ثني عبد الرحمن بن شريح، أن عبد الكريم بن الحارث الحضرمي، حدث أنه سمع مشرح بن عاهان، يقول: سمعت سليم بن نمير يقول: صدرنا من الحج مع حفصة زوج النبي (ص) وعثمان محصور بالمدينة فكانت تسأل عنه ما فعل، حتى رأت راكبين، فأرسلت إليهما تسألهما، فقالا: قتل فقالت حفصة: والذي نفسي بيده إنها القرية، تعني المدينة التي قال الله تعالى: وضرب الله مثلا قرية كانت آمنة مطمئنة يأتيها رزقها رغدا من كل مكان فكفرت بأنعم الله قرأها. قال أبو شريح: وأخبرني عبد الله بن المغيرة عمن حدثه، أنه كان يقول: إنها المدينة. وقوله: فكفرت بأنعم الله يقول:
فكفر أهل هذه القرية بأنعم الله التي أنعم عليها.
واختلف أهل العربية في واحد الأنعم، فقال بعض نحويي البصرة: جمع النعمة على أنعم، كما قال الله: حتى إذا بلغ أشده فزعم أنه جمع الشدة. وقال آخر منهم الواحد نعم، وقال: يقال: أيام طعم ونعم: أي نعيم، قال: فيجوز أن يكون معناها:
فكفرت بنعيم الله لها. واستشهد على ذلك بقول الشاعر:
وعندي قروض الخير والشر كله فبؤس لذي بؤس ونعم بأنعم وكان بعض أهل الكوفة يقول: أنعم: جمع نعماء، مثل بأساء وأبؤس، وضراء وأضر فأما الأشد فإنه زعم أنه جمع شد.
وقوله: فأذاقها الله لباس الجوع والخوف يقول تعالى ذكره: فأذاق الله أهل هذه القرية لباس الجوع وذلك جوع خالط أذاه أجسامهم، فجعل الله تعالى ذكره ذلك لمخالطته أجسامهم بمنزلة اللباس لها. وذلك أنهم سلط عليهم الجوع سنين متوالية بدعاء