والصواب من القول في ذلك عندي أن الرافع ل من الأولى والثانية، قوله:
فعليهم غضب من الله والعرب تفعل ذلك في حروف الجزاء إذا استأنفت أحدهما على آخر.
وذكر أن هذه الآية نزلت في عمار بن ياسر وقوم كانوا أسلموا ففتنهم المشركون عن دينهم، فثبت على الاسلام بعضهم وافتتن بعض. ذكر من قال ذلك:
حدثني محمد بن سعد، قال: ثني أبي، قال: ثني عمي، قال: ثني أبي، عن أبيه، عن ابن عباس، قوله: من كفر بالله من بعد إيمانه إلا من أكره وقلبه مطمئن بالايمان... إلى آخر الآية. وذلك أن المشركين أصابوا عمار بن ياسر فعذبوه، ثم تركوه، فرجع إلى رسول الله (ص) فحدثه بالذي لقي من قريش والذي قال فأنزل الله تعالى ذكره عذره: من كفر بالله من بعد إيمانه... إلى قوله: ولهم عذاب عظيم.
حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة: من كفر بالله من بعد إيمانه إلا من أكره وقلبه مطمئن بالايمان قال: ذكر لنا أنها نزلت في عمار بن ياسر، أخذه بنو المغيرة فغطوه في بئر ميمون وقالوا: أكفر بمحمد فتابعهم على ذلك وقلبه كاره، فأنزل لله تعالى ذكره: إلا من أكره وقلبه مطمئن بالايمان ولكن من شرح بالكفر صدرا:
أي من أتى الكفر على اختيار واستحباب، فعليهم غضب من الله ولهم عذاب عظيم.
حدثنا ابن عبد الأعلى، قال: ثنا محمد بن ثور، عن معمر، عن عبد الكريم الجزري، عن أبي عبيدة بن محمد بن عمار بن ياسر، قال: أخذ المشركون عمار بن ياسر، فعذبوه حتى باراهم في بعض ما أرادوا فشكا ذلك إلى النبي (ص)، فقال النبي (ص): كيف تجد قلبك؟ قال: مطمئنا بالايمان. قال النبي (ص): فإن عادوا فعد.
حدثني يعقوب بن إبراهيم، قال: ثنا هشيم، عن حصين، عن أبي مالك، في قوله: إلا من أكره وقلبه مطمئن بالايمان قال: نزلت في عمار بن ياسر.
حدثنا ابن حميد، قال: ثنا جرير، عن مغيرة، عن الشعبي، قال: لما عذب الأعبد أعطوهم ما سألوا إلا خباب بن الأرت، كانوا يضجعونه على الرضف فلم يستقلوا منه شيئا.