الاسراف القيم بقبض ذلك، فقد يجب أن يكون المأمور بإيتانه المنهي عن الاسراف فيه، وهو السلطان. وذلك قول إن قاله قائل، كان خارجا من قول جميع أهل التأويل ومخالفا المعهود من الخطاب، وكفى بذلك شاهدا على خطئه.
فإن قال قائل: وما تنكر أن يكون معنى قوله: وآتوا حقه يوم حصاده: وآتوا حقه يوم كيله، لا يوم فصله وقطعه، ولا يوم جداده وقطافه، فقد علمت من قال ذلك من أهل التأويل؟ وذلك ما:
10918 - حدثنا يعقوب بن إبراهيم، قال: ثنا هشيم، قال: أخبرنا جويبر، عن الضحاك، في قوله: وآتوا حقه يوم حصاده قال: يوم كيله.
10919 - وحدثنا المثنى، قال: ثنا عمرو بن عون، قال: أخبرنا هشيم، عن الحجاج، عن سالم المكي، عن محمد ابن الحنفية، قوله: وآتوا حقه يوم حصاده قال:
يوم كيله يعطي العشر ونصف العشر.
مع آخرين، قد ذكرت الرواية فيما مضى عنهم بذلك؟ قيل: لان يوم كيله غير يوم حصاده. ولن يخلو معنى قائلي هذا القول من أحد أمرين: إما أن يكونوا وجهوا معنى الحصاد إلى معنى الكيل، فذلك ما لا يعقل في كلام العرب لان الحصاد والحصد في كلامهم الجد والقطع، لا الكيل. أو يكونوا وجهوا تأويل قوله: وآتوا حقه يوم حصاده إلى وآتوا حقه بعد يوم حصاده إذا كلتموه. فذلك خلاف ظاهر التنزيل، وذلك أن الامر في ظاهر التنزيل بإيتاء الحق منه يوم حصاده لا بعد يوم حصاده. ولا فرق بين قائل: إنما عنى الله بقوله: وآتوا حقه يوم حصاده بعد يوم حصاده، وآخر قال: عنى بذلك قبل يوم حصاده، لأنهما جميعا قائلان قولا دليل ظاهر التنزيل بخلافه.
القول في تأويل قوله تعالى: ولا تسرفوا إنه لا يحب المسرفين.
اختلف أهل التأويل في الاسراف الذي نهى الله عنه بهذه الآية، ومن المنهي عنه.
فقال بعضهم: المنهي عنه: رب النخل والزرع والثمر والسرف الذي نهى الله عنه في هذه الآية، مجاوزة القدر في العطية إلى ما يجحف برب المال. ذكر من قال ذلك: