ابن أبي ذئب، عن محمد بن عمرو بن عطاء، عن سعيد بن يسار، عن أبي هريرة، عن النبي (ص) بنحوه.
واختلفت القراء في قراءة ذلك، فقرأته عامة قراء الكوفة: لا يفتح لهم أبواب السماء بالياء من يفتح وتخفيف التاء منها، بمعنى: لا يفتح لهم جميعها بمرة واحدة وفتحة واحدة. وقرأ ذلك بعض المدنيين وبعض الكوفيين: لا تفتح بالتاء وتشديد التاء الثانية، بمعنى: لا يفتح لهم باب بعد باب وشئ بعد شئ.
قال أبو جعفر: والصواب في ذلك عندي من القول أن يقال: إنهما قراءتان مشهورتان صحيحتا المعنى، وذلك أن أرواح الكفار لا تفتح لها ولا لأعمالهم الخبيثة أبواب السماء بمرة واحدة ولا مرة بعد مرة وباب بعد باب، فكلا المعنيين في ذلك صحيح، وكذلك الياء والتاء في يفتح وتفتح، لان الياء بناء على فعل الواحد للتوحيد والتاء، لان الأبواب جماعة، فيخبر عنها خبر الجماعة.
القول في تأويل قوله تعالى: ولا يدخلون الجنة حتى يلج الجمل في سم الخياط وكذلك نجزي المجرمين.
يقول جل ثناؤه: ولا يدخل هؤلاء الذين كذبوا بآياتنا واستكبروا عنها الجنة التي أعدها الله لأوليائه المؤمنين أبدا، كما لا يلج الجمل في سم الخياط أبدا، وذلك ثقب الإبرة. وكل ثقب في عين أو أنف أو غير ذلك، فإن العرب تسميه سما وتجمعه سموما وسماما، والسمام في جمع السم القاتل أشهر وأفصح من السموم، وهو في جمع السم الذي هو بمعنى الثقب أفصح، وكلاهما في العرب مستفيض، وقد يقال لواحد السموم التي هي الثقوب: سم وسم بفتح السين وضمها، ومن السم الذي بمعنى الثقب قول الفرزدق:
فنفست عن سميه حتى تنفسا وقلت له لا تخش شيئا وراءنا