وقال آخرون: بل الواجب عليه إذا أراد التكفير بالاطعام أو الصوم، أن يقوم الصيد المقتول طعاما، ثم يتصدق بالطعام إن اختار الصدقة، وإن اختار الصوم صام.
ثم اختلفوا أيضا في الصوم، فقال بعضهم: يصوم لكل مد يوما. وقال آخرون:
يصوم مكان كل نصف صاع يوما. وقال آخرون: يصوم مكان كل صاع يوما.
ذكر من قال: المتقوم للاطعام هو الصيد المقتول:
9838 - حدثنا بشر بن معاذ، قال: ثنا جامع بن حماد، قال: ثنا يزيد بن زريع، قال: ثنا شعبة، عن قتادة: يا أيها الذين آمنوا لا تقتلوا الصيد... الآية، قال: كان قتادة يقول: يحكمان في النعم، فإن كان ليس صيده ما يبلغ ذلك، نظروا ثمنه فقوموه طعاما، ثم صام مكان كل صاع يومين.
وقال آخرون: لا معنى للتكفير بالاطعام، لان من وجد سبيلا إلى التكفير بالاطعام، فهو واجد إلى الجزاء بالمثل من النعم سبيلا، ومن وجد إلى الجزاء بالمثل من النعم سبيلا لم يجزه التكفير بغيره. قالوا: وإنما ذكر الله تعالى ذكره الكفارة بالاطعام في هذا الموضع ليدل على صفة التكفير بالصوم لا أنه جعل التكفير بالاطعام إحدى الكفارات التي يكفر بها قتل الصيد، وقد ذكرناه تأويل ذلك فيما مضى قبل.
وأولى الأقوال بالصواب عندي في قوله الله تعالى: فجزاء مثل ما قتل من النعم أن يكون مرادا به: فعلى قاتله متعمدا مثل الذي قتل من النعم، لا القيمة إن اختار أن يجزيه بالمثل من النعم وذلك أن القيمة إنما هي من الدنانير أو الدراهم أو الدنانير ليست للصيد بمثل، والله تعالى إنما أوجب الجزاء مثلا من النعم.
وأولى الأقوال بالصواب عندي في قوله: أو كفارة طعام مساكين أو عدل ذلك صياما: أن يكون تخييرا، وأن يكون للقاتل الخيار في تكفيره بقتله الصيد وهو محرم بأي هذه الكفارات الثلاث شاء، لان الله تعالى جعل ما أوجب في قتل الصيد من الجزاء والكفارة عقوبة لفعله، وتكفيرا لذنبه في إتلافه ما أتلف من الصيد الذي كان حراما عليه إتلافه في حال إحرامه، وقد كان حلالا له قبل حال إحرامه، كما جعل الفدية من صيام أو صدقة أو نسك في حلق الشعر الذي حلقه المحرم في حال إحرامه، وقد كان له حلقه قبل حال إحرامه، ثم منع من حلقه في حال إحرامه نظير الصيد، ثم جعل عليه إن حلقه جزاء من حلقه إياه، فأجمع الجميع على أنه في حلقه إياه إذا حلقه من إيذائه مخير في تكفيره، فعليه