فيدخل قبره إلا جاء رجل قبيح الوجه أسود اللون منتن الريح عليه ثياب دنسة، حتى يدخل معه قبره، فإذا رآه قال له: ما أقبح وجهك قال: كذلك كان عملك قبيحا. قال: ما أنتن ريحك قال: كذلك كان عملك منتنا. قال: ما أدنس ثيابك قال: فيقول: إن عملك كان دنسا. قال: من أنت؟ قال: أنا عملك. قال: فيكون معه في قبره فإذا بعث يوم القيامة، قال له: إني كنت أحملك في الدنيا باللذات والشهوات، فأنت اليوم تحملني. قال: فيركب على ظهره فيسوقه حتى يدخله النار فذلك قوله: يحملون أوزارهم على ظهورهم.
وأما قوله تعالى: ألا ساء ما يزرون فإنه يعني: ألا ساء الوزر الذي يزرون: أي الاثم الذي يأثمونه بكفرهم بربهم. كما:
10272 - حدثنا الحسن بن يحيى، قال: أخبرنا عبد الرزاق، قال: أخبرنا معمر، عن قتادة، في قوله: ألا ساء ما يزرون قال: ساء ما يعملون. القول في تأويل قوله تعالى:
* (وما الحياة الدنيا إلا لعب ولهو وللدار الآخرة خير للذين يتقون أفلا تعقلون) *.
وهذا تكذيب من الله تعالى ذكره هؤلاء الكفار المنكرين البعث بعد الممات في قولهم إن هي إلا حياتنا الدنيا وما نحن بمبعوثين، يقول تعالى ذكره مكذبا لهم في قيلهم ذلك: ما الحياة الدنيا أيها الناس، إلا لعب ولهو يقول: ما باغي لذات الحياة التي أدنيت لكم وقربت منكم في داركم هذه ونعيمها وسرورها فيها والمتلذذ بها والمنافس عليها، إلا في لعب ولهو لأنها عما قليل تزول عن المستمتع بها والمتلذذ فيها بملاذها، أو تأتيه الأيام بفجائعها وصروفها فتمر عليه وتكدر كاللاعب اللاهي الذي يسرع اضمحلال لهوه ولعبه عنه، ثم يعقبه منه ندما ويورثه منه ترحا. يقول: لا تغتروا أيها الناس بها، فإن المغتر بها عما قليل يندم. وللدار الآخرة خير للذين يتقون يقول: وللعمل بطاعته والاستعداد للدار الآخرة بالصالح من الأعمال التي تبقي منافعها لأهلها ويدوم سرور أهلها فيها، خير من الدار التي تفني فلا يبقى لعمالها فيها سرور ولا يدوم لهم فيها نعيم. للذين يتقون يقول: للذين يخشون الله فيتقونه بطاعته واجتناب معاصيه والمسارعة إلى رضاه.