* (قال الله هذا يوم ينفع الصادقين صدقهم لهم جنات تجري من تحتها الأنهار خالدين فيها أبدا رضي الله عنهم ورضوا عنه ذلك الفوز العظيم) *.
اختلفت القراء في قراءة قوله: هذا يوم ينفع الصادقين فقرأ ذلك بعض أهل الحجاز والمدينة: هذا يوم ينفع الصادقين بنصب يوم. وقرأ بعض أهل الحجاز وبعض أهل المدينة وعامة قراء أهل العراق: هذا يوم ينفع الصادقين برفع يوم. فمن رفعه رفعه بهذا، وجعل يوم اسما، وإن كانت إضافته غير محضة، لأنه صار كالمنعوت. وكان بعض أهل العربية يزعم أن العرب يعملون في إعراب الأوقات مثل اليوم والليلة عملهم فيما بعدها، إن كان ما بعدها رفعا رفعوها، كقولهم: هذا يوم يركب الأمير، وليلة يصدر الحاج، ويوم أخوك منطلق وإن كان ما بعدها نصبا نصبوها، وكذلك كقولهم: هذا يوم خرج الجيش وسار الناس، وليلة قتل زيد ونحو ذلك، وإن كان معناها في الحالين: إذ، وإذا. وكأن من قرأ هذا هكذا رفعا وجه الكلام إلى أنه من قيل الله يوم القيامة، وكذلك كان السدي يقول في ذلك.
10155 - حدثني محمد بن الحسين، قال: ثنا أحمد بن مفضل، قال: ثنا أسباط، عن السدي: قال الله هذا يوم ينفع الصادقين صدقهم هذا فصل من كلام عيسى، وهذا يوم القيامة.
يعني السدي بقوله: هذا فصل من كلام عيسى أن قوله: سبحانك ما يكون لي أن أقول ما ليس لي بحق... إلى قوله: فإنك أنت العزيز الحكيم من خبر الله عز وجل عن عيسى أنه قاله في الدنيا بعد أن رفعه إليه، وأن ما بعد ذلك من كلام الله لعباده يوم القيامة. وأما النصب في ذلك، فإنه يتوجه من وجهين: أحدهما: أن إضافة يوم ما لم تكن إلى اسم تجعله نصبا، لان الإضافة غير محضة، وإنما تكون الإضافة محضة إذا أضيف إلى اسم صحيح. ونظير اليوم في ذلك الحين والزمان وما أشبههما من الأزمنة، كما قال النابغة:
على حين عاتبت المشيب على الصبا وقلت ألما أصح والشيب وازع