والأصنام ودون كل شئ سواها من خلقه. وإن يمسسك بخير يقول: وإن يصبك بخير:
أي برخاء في عيش وسعة في الرزق وكثرة في المال فتقر أنه أصابك بذلك، فهو على كل شئ قدير يقول تعالى ذكره: والله الذي أصابك بذلك فهو على كل شئ قدير، هو القادر على نفعك وضرك، وهو على كل شئ يريده قادر، لا يعجزه شئ يريده ولا يمتنع منه شئ طلبه، ليس كالآلهة الذليلة المهينة التي لا تقدر على اجتلاب نفع على أنفسها ولا غيرها ولا دفع ضر عنها ولا غيرها يقول تعالى ذكره: فكيف تعبد من كان هكذا؟ أم كيف لا تخلص العبادة، وتقر لمن كان بيده الضر والنفع والثواب والعقاب وله القدرة الكاملة والعزة الظاهرة؟ القول في تأويل قوله تعالى:
* (وهو القاهر فوق عباده وهو الحكيم الخبير) *.
يعني تعالى ذكره بقوله: وهو نفسه يقول: والله القاهر فوق عباده. ويعني بقوله:
القاهر: المذلل المستعبد خلقه العالي عليهم. وإنما قال: فوق عباده، لأنه وصف نفسه تعالى بقهره إياهم، ومن صفة كل قاهر شيئا أن يكون مستعليا عليه.
فمعنى الكلام إذا: والله الغالب عباده، المذللهم، العالي عليهم بتذليله لهم وخلقه إياهم، فهو فوقهم بقهره إياهم، وهم دونه. وهو الحكيم يقول: والله الحكيم في علوه على عباده وقهره إياهم بقدرته وفي سائر تدبيره، الخبير بمصالح الأشياء ومضارها، الذي لا يخفى عليه عواقب الأمور وبواديها، ولا يقع في تدبيره خلل، ولا يدخل حكمه دخل.
القول في تأويل قوله تعالى:
* (قل أي شئ أكبر شهادة قل الله شهيد بيني وبينكم وأوحي إلي هذا القرآن لأنذركم به ومن بلغ أئنكم لتشهدون أن مع الله آلهة أخرى قل لا أشهد قل إنما هو إله واحد وإنني برئ مما تشركون) *.
يقول تعالى ذكره لنبيه محمد (ص): قل يا محمد لهؤلاء المشركين الذين يكذبون ويجحدون نبوتك من قومك: أي شئ أعظم شهادة وأكبر، ثم أخبرهم بأن أكبر الأشياء شهادة الله الذي لا يجوز أن يقع في شهادته ما يجوز أن يقع في شهادة غيره من خلقه من السهو والخطأ والغلط والكذب، ثم قل لهم: إن الذي هو أكبر الأشياء شهادة شهيد بيني