فيه، لان التمني لا يكذب، وإنما يكون التصديق والتكذيب في الاخبار. وأما النصب في ذلك، فإني أظن بقارئه أنه برجاء تأويل قراءة عبد الله التي ذكرناها عنه، وذلك قراءته ذلك:
يا ليتنا نرد فلا نكذب بآيات ربنا ونكون من المؤمنين على وجه جواب التمني بالفاء. وهو إذا قرئ بالفاء كذلك لا شك في صحة إعرابه، ومعناه في ذلك أن تأويله إذا قرئ كذلك:
لو أنا رددنا إلى الدنيا ما كذبنا بآيات ربنا، ولكنا من المؤمنين. فإن يكن الذي حكى من عن العرب من السماع منهم الجواب بالواو وثم كهيئة الجواب بالفاء صحيحا، فلا شك في صحة قراءة من قرأ ذلك: يا ليتنا نرد ولا نكذب بآيات ربنا ونكون نصبا على جواب التمني بالواو، على تأويل قراءة عبد الله ذلك بالفاء، وإلا فإن القراءة بذلك بعيدة المعنى من تأويل التنزيل. ولست أعلم سماع ذلك من العرب صحيحا، بل المعروف من كلامها الجواب بالفاء والصرف بالواو. القول في تأويل قوله تعالى:
* (بل بدا لهم ما كانوا يخفون من قبل ولو ردوا لعادوا لما نهوا عنه وإنهم لكاذبون) *.
يقول تعالى ذكره: ما قصد هؤلاء العادلين بربهم الجاحدين نبوتك يا محمد في قيلهم إذ وقفوا على النار: يا ليتنا نرد ولا نكذب بآيات ربنا ونكون من المؤمنين، الأسى والندم على ترك الايمان بالله والتصديق بك لكن بهم الاشفاق مما هو نازل بهم من عقاب الله وأليم عذابه على معاصيهم التي كانوا يخفونها عن أعين الناس ويسترونها منهم، فأبداها الله منهم يوم القيامة وأظهرها على رؤوس الاشهاد، ففضحهم بها ثم جازاهم بها جزاءهم.
يقول: بل بدا لهم ما كانوا يخفون من أعمالهم السيئة التي كانوا يخفونها، من قبل ذلك في الدنيا، فظهرت. ولو ردوا يقول: ولو ردوا إلى الدنيا فأمهلوا لعادوا لما نهوا عنه يقول: لرجعوا إلى مثل العمل الذي كانوا يعملونه في الدنيا قبل ذلك من جحود آيات الله والكفر به والعمل بما يسخط عليهم ربهم. وإنهم لكاذبون في قيلهم: لو رددنا لم نكذب بآيات ربنا وكنا من المؤمنين، لأنهم قالوه حين قالوه خشية العذاب لا إيمانا بالله.
وبالذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل. ذكر من قال ذلك:
10264 - حدثني محمد بن الحسين، قال: ثنا أحمد بن المفضل، قال: ثنا أسباط، عن السدي: بل بدا لهم ما كانوا يخفون من قبل يقول: بدت لهم أعمالهم في الآخرة التي أخفوها في الدنيا.