وقال آخرون: معنى ذلك معذرتهم. ذكر من قال ذلك:
10234 - حدثنا ابن بشار وابن المثنى، قالا: ثنا محمد بن جعفر، قال: ثنا شعبة، عن قتادة: ثم لم تكن فتنتهم قال: معذرتهم.
حدثنا بشر بن معاذ، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة: ثم لم تكن فتنتهم إلا أن قالوا والله ربنا ما كنا مشركين يقول: اعتذارهم بالباطل والكذب.
والصواب من القول في ذلك أن يقال معناه: ثم لم يكن قيلهم عند فتنتنا إياهم اعتذارا مما سلف منهم من الشرك بالله، إلا أن قالوا والله ربنا ما كنا مشركين فوضعت الفتنة موضع القول لمعرفة السامعين معنى الكلام. وإنما الفتنة: الاختبار والابتلاء، ولكن لما كان الجواب من القوم غير واقع هنالك إلا عند الاختبار، وضعت الفتنة التي هي الاختبار موضع الخبر عن جوابهم ومعذرتهم.
واختلفت القراء أيضا في قراءة قوله: والله ربنا ما كنا مشركين فقرأ ذلك عامة قراء المدينة وبعض الكوفيين والبصريين: والله ربنا خفضا على أن الرب نعت لله.
وقرأ ذلك جماعة من التابعين: والله ربنا بالنصب بمعنى: والله يا ربنا، وهي قراءة عامة قراء أهل الكوفة.
وأولى القراءتين عندي بالصواب في ذلك قراءة من قرأ: والله ربنا بنصب الرب، بمعنى: يا ربنا. وذلك أن هذا جواب من المسؤولين المقول لهم: أين شركاؤكم الذين كنتم تزعمون وكان من جواب القوم لربهم: والله يا ربنا ما كنا مشركين، فنفوا أن يكونوا قالوا ذلك في الدنيا. يقول الله تعالى لمحمد (ص): انظر كيف كذبوا على أنفسهم وضل عنهم ما كانوا يفترون، ويعني بقوله: ما كنا مشركين ما كنا ندعو لك شريكا ولا ندعو سواك.
القول في تأويل قوله تعالى:
* (انظر كيف كذبوا على أنفسهم وضل عنهم ما كانوا يفترون) *.
يقول تعالى ذكره لنبيه محمد (ص): انظر يا محمد فاعلم كيف كذب هؤلاء المشركون العادلون بربهم الأوثان والأصنام في الآخرة، عند لقاء الله على أنفسهم بقيلهم: والله يا ربنا ما كنا مشركين، واستعملوا هنالك الأخلاق التي كانوا بها متخلقين في الدنيا من الكذب والفرية ومعنى النظر في هذا الموضع: النظر بالقلب لا في الدنيا من الكذب والفرية النظر بالبصر، وإنما معناه: تبين،